الاستقلال: المصحات تتغول والمستشفيات العمومية تنهار

في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة حول الحق في الصحة، وجه الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، على لسان رئيسه علال العمراوي، مداخلة قوية تنبه إلى مجموعة من التحديات البنيوية التي تواجه الورش الملكي لتأهيل المنظومة الصحية الوطنية، وفي مقدمتها تغول القطاع الخاص وتراجع جاذبية المستشفى العمومي.

قال العمراوي إن "المصحات الخاصة تتناسل بشكل لافت على حساب المستشفى العمومي، ما يستوجب دق ناقوس الخطر"، مشدداً على أن القطاع العام أصبح يعاني من نزيف في موارده البشرية بسبب ما وصفه بـ"منافسة غير مشروعة"، حيث يستقطب القطاع الخاص عدداً من الأطباء العاملين بالمستشفيات العمومية في ظل غياب تحفيزات كافية وهشاشة منظومة الأجور.

وأضاف أن إصلاح المنظومة الصحية لا يمكن أن ينجح دون لا تمركز حقيقي وتفعيل للجهوية الصحية، داعياً إلى "منح المجموعات الصحية الترابية سلطات فعلية بعيداً عن مركزة القرار"، وذلك حتى تتمكن من تدبير الموارد الدوائية والبيوطبية والاستجابة لخصوصيات كل جهة، مع اعتماد أنظمة تحفيز توازي ما يعرضه القطاع الخاص لاستقطاب الكفاءات، خاصة في المناطق النائية.

وتابع العمراوي أن "كل مؤشرات النجاح موجودة اليوم على الطاولة"، داعياً الحكومة إلى إرساء منظومة صحية من الجيل الجديد، ترتكز على عدالة مجالية في توزيع الخدمات وتضمن الإنصاف بين المواطنين، خاصة في العالم القروي الذي يضم حوالي 49 بالمائة من المغاربة، لكنه لا يزال يعاني من خصاص حاد في الأطباء الأخصائيين والمستشفيات المجهزة.

وأشار إلى أن الدولة تتحمل اليوم أكثر من 9 مليارات درهم سنوياً كاشتراكات في نظام "أمو تضامن"، ومليار درهم إضافي موجه للمستشفيات العمومية، مؤكداً أن هذه الجهود لا ينبغي أن تضيع بسبب اختلالات في الحكامة أو ضعف التنسيق بين القطاعين العام والخاص، داعياً إلى التسريع بإرساء الملف الطبي المشترك للمريض وتطوير آليات التعاون بين مختلف مكونات المنظومة الصحية.

وانتقد العمراوي ما وصفه بتراجع البنيات الاستشفائية، قائلاً إن "كثيراً من المستشفيات الجهوية والإقليمية لم تعد تحمل من المستشفى إلا الاسم"، داعياً إلى برنامج وطني شامل لإعادة تأهيل هذه المؤسسات وتزويدها بالتجهيزات البيوطبية اللازمة، من سكانير وIRM ومختبرات تحليل وقاعات عمليات حديثة.

وأكد رئيس الفريق الاستقلالي أن إصلاح المنظومة الصحية يجب أن يتوسع ليشمل الصحة المتنقلة، والتكفل بصحة الأم والطفل، وصحة الأشخاص المسنين، والوقاية من الأمراض المزمنة، مشدداً على أن "الوقت قد حان للوقوف في وجه جشع بعض الشركات الربحية التي تغرق السوق بمنتجات مضرة تؤدي إلى أمراض مكلفة مثل السكري والسمنة".

وختم العمراوي مداخلته بالتأكيد على أن "مرحلة البناء صعبة، لكنها ليست مستحيلة"، داعياً إلى مواصلة العمل بروح جماعية من أجل منظومة صحية قوية، عادلة ودامجة، تكون في صلب الأمن القومي للمملكة.