الداخلية تقرّ بتسرب مياه عادمة لحقول فلاحية بآسفي

أقرّت وزارة الداخلية المغربية، على لسان الوزير عبد الوافي لفتيت، بوقوع تسرب "عرضي" لكميات من المياه العادمة المعالجة نحو أراضٍ فلاحية مجاورة بجماعة "خط أزكان" بإقليم آسفي، وذلك خلال التساقطات المطرية الغزيرة التي عرفتها المنطقة مطلع سنة 2025.

هذا الاعتراف الرسمي جاء في إطار رد كتابي على سؤال وجهه النائب البرلماني عادل السباعي عن الفريق الحركي، والذي وصف الحادث بأنه "واقعة خطيرة" لها تبعات بيئية وصحية خطيرة.

حادث معزول أم مؤشر خلل بنيوي؟

الوزير لفتيت أوضح أن التسرب يظل "حادثًا معزولًا"، وأن المياه المتسربة كانت قد خضعت للمعالجة وفق المعايير الوطنية، مشيرًا إلى أن ذلك يدخل ضمن مشروع مهيكل للتطهير السائل وإعادة استعمال المياه العادمة، ممول في إطار اتفاقية شراكة تم توقيعها سنة 2021 بكلفة تناهز 223.1 مليون درهم، بمشاركة وزارة الداخلية، الشركة الجهوية متعددة الخدمات مراكش-آسفي، وعدد من الجماعات المحلية.

وبحسب الوزير، فإن محطة بوكدرة لمعالجة المياه العادمة، التي انطلقت نهاية 2024، تعمل وفق نظام بيولوجي مصادق عليه من طرف اللجنة الجهوية للبيئة منذ 2019، مؤكدا أن الموقع الذي تُصرف فيه المياه المعالجة (وادي غمرة) خضع لتقييم الأثر البيئي.

مخاوف بيئية وانتقادات حادة

ورغم هذه التطمينات، تتعالى الأصوات محليا مطالبة بفتح تحقيق شفاف. النائب عادل السباعي اعتبر في سؤاله أن محطة بوكدرة تُفرغ مياهاً غير معالجة بما يكفي، ما يعرض الأراضي الفلاحية، والماشية، والفرشة المائية، وحتى صحة السكان، لخطر حقيقي. كما تساءل عن فعالية المحطة، في ظل ما وصفه بتقاعس الشركة الجهوية في تقديم توضيحات دقيقة وبيانات علمية حول الحادث.

الفرع الإقليمي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بآسفي دخل بدوره على الخط، محذّراً من كارثة بيئية مستمرة، مدعومة بصور وفيديوهات توثق تصريف المياه الملوثة نحو وادي الولجة، نتيجة أعطاب متكررة في منشآت المعالجة، ما تسبب أيضاً في إغراق بعض الطرق الفرعية.

وأكدت الجمعية أن المياه المسربة تحتوي على بكتيريا ومواد سامة، تُستخدم لاحقاً في سقي مزروعات مخصصة للاستهلاك المحلي، مما يشكل تهديداً صحياً مباشراً.

الشركة الجهوية ترد: لا إشاعات

في المقابل، نفت الشركة الجهوية للماء والكهرباء بمراكش-آسفي كل الاتهامات، مؤكدة أن المياه تمر عبر ثلاث مراحل معالجة: أولية، بيولوجية، وثالثية، وتخضع لتحاليل دورية تثبت سلامتها البيئية.
كما دعت المواطنين إلى عدم الانسياق وراء "الإشاعات"، والتوجه نحو القنوات الرسمية للحصول على معلومات دقيقة.

تدابير قيد التنفيذ

وزارة الداخلية أشارت إلى أنها قامت بعد الحادث بتنظيم زيارات ميدانية ولقاءات تنسيقية مع مختلف الفاعلين، من جماعة "خط أزكان" إلى وكالة الحوض المائي لأم الربيع ومصالح وزارة الفلاحة، كما تم تكليف الوكالة بإنجاز دراسة تقنية لتدبير تدفق المياه، ودراسة إمكانية تغيير مجراها أو إعادة استخدامها في أغراض فلاحية محددة.

رغم وصف الداخلية للتسرب بأنه "حادث عرضي"، فإن توالي الوقائع المشابهة، سواء في آسفي أو مناطق أخرى كبوسكورة والقنيطرة، يعيد إلى الواجهة سؤال الشفافية والرقابة على مشاريع معالجة المياه العادمة. وبين تطمينات رسمية وتحذيرات حقوقية، يبقى المواطن في قلب معادلة ملغومة تتقاطع فيها البيئة، الصحة، والتنمية.