قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في جلسة الأسئلة الشهرية بمجلس النواب، إن "كل ما نقوم به كمؤسسات دستورية من سياسات عمومية وقطاعية، هو من أجل خدمة السيادة الوطنية، التي يرعاها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله".
وأضاف أن ما يزعج خصوم المغرب هو هذا الأمن والاستقرار الذي تنعم به المملكة، مؤكداً أن الحكومة ستظل مجندة وراء جلالة الملك في الدفاع عن السيادة الوطنية، بكل أشكالها.
السيادة الصحية في قلب الإصلاح
وأكد أخنوش أن السيادة الوطنية لا تكتمل دون تحقيق سيادة صحية حقيقية، مشيراً إلى أن الحكومة تعتبر إصلاح المنظومة الصحية أولوية قصوى، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية، وتفعيلاً للحق الدستوري في الصحة.
وقال إن الحكومة شرعت في إصلاح جذري للقطاع، يرتكز على إرساء حكامة جديدة، وتحفيز الموارد البشرية، وتأهيل البنيات التحتية، ورقمنة المنظومة الصحية.
إنجازات ملموسة في التغطية والبنيات التحتية
وأوضح رئيس الحكومة أن المغرب حقق نقلة نوعية بتمكين جميع المواطنين من التغطية الصحية، بعدما كانت مقتصرة على فئات محدودة، واصفاً ذلك بـ"النجاح المحفز الذي فتح الباب أمام إصلاحات أعمق".
وأضاف أن الميزانية المخصصة لقطاع الصحة ارتفعت من 19.7 مليار درهم سنة 2021 إلى 32.6 مليار درهم سنة 2025، بزيادة تفوق 65%.
وأشار إلى أن الحكومة أطلقت برنامجاً لتأهيل 1.400 مركز صحي من الجيل الجديد، وتم بالفعل تأهيل 949 منها، إلى جانب مشاريع لبناء مستشفيات جامعية في عدة جهات.
رهان على العنصر البشري
وقال أخنوش إن الحكومة وقّعت اتفاقية لرفع عدد مهنيي الصحة إلى أكثر من 90.000 شخص في أفق 2026، بهدف بلوغ 45 إطاراً صحياً لكل 10.000 نسمة في أفق 2030.
وأضاف أن الطاقة الاستيعابية لكليات الطب ارتفعت بنسبة 88% مقارنة بسنة 2019، وستصل إلى 7.543 مقعداً في أفق 2027، مشيراً إلى أن مدة التكوين الطبي خُفضت من 7 إلى 6 سنوات لتسريع سد الخصاص.
قوانين ثورية وحكامة جديدة
وأوضح أخنوش أن الحكومة استكملت الترسانة القانونية لإصلاح المنظومة الصحية، عبر ستة قوانين مركزية من بينها: القانون الإطار للصحة، قانون إحداث الهيئة العليا للصحة، قانون المجموعات الصحية الترابية، وقانون الوظيفة الصحية.
وأشار إلى أن هذه القوانين "تُشكل ثورة قانونية" تؤسس لحكامة فعالة، وتقطع مع الحلول الترقيعية السابقة.
رقمنة القطاع وتعزيز التكامل
وقال رئيس الحكومة إن الحكومة تُولي اهتماماً كبيراً للتحول الرقمي في قطاع الصحة، من خلال نظام معلوماتي موحد يُغطي جميع مستويات المنظومة، ما سيسمح بتبسيط الخدمات وتيسير الولوج.
وأضاف أن هذا التوجه الرقمي سيمكن من استثمار البيانات الصحية في البحث العلمي والابتكار.
المجموعات الصحية الترابية.. نحو عدالة صحية
وأكد أخنوش أن الحكومة أحدثت المجموعات الصحية الترابية كآلية لتفعيل الحكامة الجهوية، مشيراً إلى أن أول مجموعة انطلقت في جهة طنجة تطوان الحسيمة.
وأضاف أن هذا النموذج الجديد سيساعد في تنظيم العرض الصحي حسب الخصوصيات المجالية، وسيساهم في القضاء على "الصحاري الطبية".
تحسين أوضاع الأطر الصحية ومكافحة الهجرة
وشدد أخنوش على أن نجاح الإصلاح لن يتحقق دون دعم الأطر الصحية، معبّراً عن وعي الحكومة بتحديات هجرة الكفاءات.
وقال إن الحكومة عملت على تحسين الرواتب، حيث تم منح الأطباء الرقم الاستدلالي 509، ما مكن من زيادة أجورهم بـ 3.800 درهم شهرياً، إلى جانب تحسين التعويضات عن الأخطار المهنية.
الدواء في صلب الإصلاح.. وخارطة طريق للإنتاج المحلي
أبرز رئيس الحكومة أن الحكومة أطلقت سياسة دوائية جديدة لخفض الأسعار وضمان وفرة الأدوية، وذلك عبر إعفاءات ضريبية ومراجعة أثمان 4.500 دواء جنيس.
وقال إن الوكالة المغربية للأدوية ستلعب دوراً محورياً في ضمان السيادة الدوائية، موضحاً أن الحكومة تدعم إنتاج اللقاحات محلياً، عبر مشروع ضخم في بن سليمان، سينتج أكثر من 5 ملايين جرعة بحلول 2026.
لحظة مفصلية في تاريخ الصحة
وختم أخنوش كلمته بالقول: "نحن اليوم أمام لحظة استثنائية تؤسس لتحول جذري في قطاع الصحة"، مضيفاً أن "الإصلاحات العميقة لا تؤتي نتائجها بين عشية وضحاها، لكنها استثمار بعيد المدى في كرامة المواطن المغربي".
وأكد أن "الرؤية التي نسير بها ليست ظرفية، بل متكاملة، تتقاطع مع الأوراش التنموية الكبرى التي يقودها جلالة الملك، من أجل مغرب أكثر عدالة وإنصافاً واستدامة".