مفارقة.. صفقة شراء السيارات لـ"مجلس المنافسة" بدون "منافسة"

في عملية شراء سيارات لمجلس المنافسة، ظهرت ملاحظة مثيرة للقلق تتمثل في غياب المنافسة تماما، إذ أظهرت الوثائق الرسمية  طلب العروض رقم 04/2025/CC التي اطلعت عليها "بلبريس"، أن شركة واحدة فقط هي "موروكو أوتوموتيف ريتايل" تقدمت بعرض لصفقة بلغت قيمتها 570 ألف درهم شامل الضريبة، إلا أن هذا الوضع يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى التزام مجلس المنافسة نفسه بمبادئ المنافسة التي من المفترض أن يكون حارسا لها، بالنسبة للشركات.

وحسب الإعلان عن المنافسة الذي نشر نهاية الشهر الماضي 2025، لكنه لم يجذب سوى مشارك واحد، فالفترة بين الإعلان وموعد فتح الظروف كانت 12 يوماً فقط، وهي مدة قد تكون غير كافية لكثير من الشركات لإعداد عروض تنافسية. كما أن محدودية وسائل النشر تثير شكوكاً لدى الفاعلين حول مدى وصول الإعلان إلى الشركات المؤهلة الأخرى.

المفارقة تكمن في أن الجهة المشترية هي مجلس المنافسة نفسه، وهي الهيئة المسؤولة عن ضمان المنافسة النزيهة في السوق، فقبول صفقة دون منافسة حقيقية يضعف مصداقية المجلس في أداء مهامه، وهو ما يثير العديد من التساؤلات من قبيل "ما إن كانت شروط الصفقة مجحفة بحيث استبعدت منافسين محتملين؟ وهل تم بذل جهد كاف لجذب عروض متنافسة؟ وهل السعر المتفق عليه يمثل أفضل قيمة للمال العام؟.

غياب المنافسة في مثل هذه الصفقات قد يؤدي إلى دفع أسعار أعلى من السوق، أو قبول شروط أقل ملاءمة، علما أنه في الوضع الطبيعي، تتيح العروض المتعددة إمكانية المقارنة والتفاوض للحصول على أفضل الصفقات، بينما في هذه الحالة، يشكل غياب هذا الخيار مثار علامات استفهام كبيرة حول مدى تحقيق المصلحة العامة.

ويتعين على مجلس المنافسة تقديم توضيحات شافية حول هذه الحالة، إذ يتساءل مراقبون للشأن الاقتصادي لـ"بلبريس" عن سبب اقتصار المشاركة على شركة واحدة؟ ما الإجراءات التي اتخذت لضمان المنافسة العادلة؟ وهل تمت مراجعة السعر المقترح مع الأسعار السائدة في السوق؟، وكلها أسئلة ليست تقنية فحسب، بل تتعلق بمبادئ الشفافية وحسن استخدام المال العام.