بعد سنوات من التعثر وبطء المساطر وغياب المواكبة، عاد ملف المقاولات الصغرى والصغيرة جداً إلى صدارة النقاش البرلماني، حيث أعلنت فرق الأغلبية بمجلس النواب أن زمن الدعم الموسمي قد انتهى، وأن الحكومة الحالية اختارت القطع مع منطق الترقيع، واضعة هذا النسيج الاقتصادي في قلب اختياراتها الاستراتيجية، باعتباره رافعة للتشغيل والاستقرار الاجتماعي.
زينة شاهيم: انحياز صريح للاقتصاد الحقيقي
أكدت النائبة البرلمانية زينة شاهيم، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أن المقاولات الصغرى والصغيرة جداً تشكل محركاً أساسياً للتشغيل وركيزة للتماسك الاجتماعي، مبرزة أن الحكومة انحازت منذ بداية ولايتها للاقتصاد الحقيقي وللفاعل الاقتصادي الصغير باعتباره أساس خلق الشغل والاستقرار.
وأوضحت شاهيم أن الحديث عن هذه المقاولات هو حديث عن ملايين المغاربة الذين يشتغلون في ظروف صعبة، وعن مقاولات صمدت رغم الإقصاء وصعوبة الولوج إلى التمويل وتعقيد المساطر، نتيجة تراكم اختلالات وسياسات سابقة اكتفت بالشعارات وأجلت الإصلاح الحقيقي.
وسجلت أن هذه الفئة عانت طويلاً من غياب المواكبة وبطء الإدارة ومن منطق كان يعتبرها عبئاً، مؤكدة أن الحكومة الحالية وضعت حداً لهذا التصور، واعتبرت دعم المقاولة الصغرى خياراً استراتيجياً مؤطراً بميثاق الاستثمار الجديد، الهادف إلى رفع حصة الاستثمار الخاص إلى ثلثي الاستثمار الإجمالي.
وأضافت أن دعم هذه المقاولات يندرج ضمن تصور تنموي شامل، أطلقته الحكومة تنفيذاً للتعليمات الملكية، من أجل تأهيل النسيج الاقتصادي وخلق الثروة وفرص الشغل، مشددة على أن العلاقة بين الدولة والمقاولة الصغيرة تعرف اليوم تحولاً حقيقياً، عبر سياسة عمومية متكاملة تجمع بين التمويل والمواكبة والتكوين والاستثمار والرقمنة.
وأبرزت شاهيم أن هذا التوجه تُرجم إلى أربع ركائز أساسية، تتمثل في تبسيط المساطر والتحول الرقمي، وتقليص آجال الأداء، وتوسيع ولوج المقاولات الصغرى للطلب العمومي، وجعل التكوين والمواكبة سياسة عمومية قارة، مؤكدة أن هذه الجهود تعيد بناء الثقة بين الدولة والمقاولة، وتضع الفاعل الاقتصادي الصغير في صلب الإصلاح الاقتصادي.
سعيد أتغلاست: المقاولات الصغرى عمود الاقتصاد الوطني
من جانبه، أكد النائب البرلماني سعيد أتغلاست، عن فريق الأصالة والمعاصرة، أن قانون المالية الأخير يشكل منطلقاً لوضع أسس الدولة المجالية الترابية، انسجاماً مع التوجيهات الملكية، داعياً إلى اعتماد خرائط تنموية مجالية تراعي خصوصيات الجهات وتكثف الجهد المالي لفائدة المناطق الهشة والعالم القروي.
وشدد أتغلاست على أن المقاولات الصغرى والصغيرة جداً تلعب دوراً حيوياً في خلق فرص الشغل وزيادة الدخل والثروة، معتبراً إياها العمود الفقري للاقتصاد الوطني، إذ تمثل حوالي 95 في المائة من النسيج المقاولاتي.
وأشار إلى أن هذه المقاولات ما تزال تواجه صعوبات كبيرة، خاصة في الولوج إلى التمويل البنكي بسبب ضعف الضمانات والقدرات المالية، معتبراً أن ميثاق الاستثمار يشكل منفذاً استراتيجياً لدعم هذا النسيج، خصوصاً لفائدة الشباب حاملي المشاريع المبتكرة ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
محمد العزري: المرسوم خطوة إيجابية لكن التنزيل متعثر
أكد النائب البرلماني محمد العزري، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن إصدار المرسوم المتعلق بتفعيل نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغرى والمتوسطة خطوة إيجابية تعكس حرص الحكومة على تنزيل الميثاق الجديد للاستثمار.
وأوضح أن نظام الدعم الجديد يرتكز على ثلاث منح تراكمية قد تصل إلى 30 في المائة من مبلغ الاستثمار، تشمل منحة إحداث مناصب شغل قارة، والمنحة الترابية، والمنحة القطاعية، معتبراً أن هذه الآلية تشكل رافعة أساسية لتحفيز الاستثمار.
وسجل العزري استمرار التمركز الجغرافي للمقاولات في ثلاث جهات كبرى، معتبراً أن الميثاق الجديد يهدف إلى تحقيق تنمية ترابية متوازنة وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، غير أنه أقر بوجود بعض التعثر في الإطلاق الفعلي لمنظومة الدعم، معرباً عن أمله في تجاوزه في أقرب الآجال.
الحسين نصر الله: الإصلاحات مهمة لكن الأثر ما زال محدوداً
بدوره، أكد النائب البرلماني الحسين نصر الله، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن المقاولات الصغيرة تضطلع بدور محوري في دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص الشغل، مبرزاً أن الحكومة أطلقت إصلاحات ومبادرات متعددة لدعمها.
وأشار إلى أهمية القانون المتعلق بآجال الأداء، المعتمد في يوليوز 2023، معتبراً إياه تحولاً تشريعياً مهماً لمعالجة اختلالات أثرت طويلاً على مناخ الأعمال، لكنه نبه إلى أن نتائج هذه الجهود لم تحقق بعد التحول المنشود، إذ لا تزال نسب نمو هذه المقاولات ضعيفة، بفعل تحديات هيكلية ومالية وتقنية وتنافسية، تحد من قدرتها على التوسع والاستدامة.