أوزين يدعو لإعلان آسفي “منكوبة” وينتقد منح الدعم لمنابر التفاهة

وجّه النائب البرلماني محمد أوزين، باسم الفريق الحركي، انتقادات لاذعة لأداء الحكومة، محمّلاً إياها مسؤولية ما وصفه بـ«الإخفاقات المتراكمة» في حماية أرواح المواطنين، ودعم المقاولات الصغرى، وضبط المشهد الإعلامي، وذلك خلال مداخلة قوية في جلسة برلمانية بحضور رئيس الحكومة.

واستهل أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، كلمته بتقديم التعازي لأسر ضحايا فاجعة انهيار عمارتين بمدينة فاس، وكذا ضحايا الفيضانات التي شهدتها مدينتا آسفي وتنغير نهاية الأسبوع الماضي، داعياً بالرحمة للضحايا وبالشفاء العاجل للمصابين، ومؤكداً أن هذه الأحداث المؤلمة تعيد إلى الواجهة ضرورة اليقظة وتحمل المسؤولية في ضمان سلامة المواطنين وحماية أرواحهم.

وأكد المتحدث أن الفريق الحركي سبق أن نبّه الحكومة، منذ ثلاث سنوات، إلى مجموعة من الاختلالات دون أن تجد تحذيراته آذاناً صاغية، مشيراً إلى أن الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها البلاد جاءت عوض “التصفيق” الذي كانت الحكومة تنتظره، نتيجة غياب إنجازات ملموسة يشعر بها المواطن المغربي.

وفي هذا السياق، استحضر أوزين ملف غلاء أسعار اللحوم، مبرزاً أن الفريق الحركي حذّر مسبقاً من أن أسعارها لن تنخفض بعد عيد الأضحى، في ظل غياب إجراءات آنية لدعم الكساب المحلي، وهو ما أدى، حسب تعبيره، إلى بلوغ الأسعار مستويات غير مسبوقة، واضطرار البلاد إلى استيراد اللحوم على حساب المنتج الوطني.

وأضاف أن خيار استيراد القطيع لم يكن مجدياً، بل أدى إلى دعم الكساب الأجنبي في إسبانيا ورومانيا، في مقابل تهميش الكساب المغربي، وهو ما اعترف به، لاحقاً، وزير الاقتصاد والمالية واصفاً القرار بـ”غير الموفق”.

وانتقل أوزين إلى ملف السكن الآيل للسقوط، مذكّراً بأنه سبق أن نبه الحكومة إلى أن حياة حوالي 700 ألف مغربي مهددة بسبب هشاشة مساكنهم، غير أن غياب التفاعل الجدي أدى إلى تكرار الفواجع، وآخرها فاجعة مدينة آسفي التي أودت بحياة 37 شخصاً، وألحقت أضراراً جسيمة بالمدينة العتيقة وسوق الفخار وباب الشعبة.

وطالب في هذا الإطار بإعلان مدينة آسفي “مدينة منكوبة” لتمكين الضحايا من الاستفادة من صندوق التعويض عن الكوارث، متسائلاً عن جدوى هذا الصندوق إذا لم يُفعّل في مثل هذه الحالات.

وانتقد النائب البرلماني المرسوم المنظم للتعويض عن الكوارث، معتبراً أن الشروط التي تضمنها “تعجيزية وغير منطقية”، خصوصاً شرط تجاوز الفيضانات 500 ساعة للاستفادة من التعويض، وهو ما وصفه بـ”العبث التشريعي” الذي يفرغ الصندوق من محتواه.

وفي محور آخر، أثار أوزين مسألة الدعم العمومي الموجه للمقاولات الإعلامية، معتبراً أن جزءاً كبيراً منه يذهب إلى مؤسسات إعلامية “عملاقة” دون مراقبة أو محاسبة، مقابل ترويج التفاهة والمس بالقيم المغربية، بدل أداء خدمة إعلامية عمومية مسؤولة.

وشدد على أن الدعم العمومي يجب أن يكون “مقابل خدمة عمومية”، لا وسيلة للإثارة والتشهير واستغلال القاصرين، محذراً من خطورة الانحراف الذي يعرفه بعض الفاعلين في الحقل الإعلامي.

وعلى المستوى الاقتصادي، ربط أوزين بين فشل الحكومة في ملف التشغيل وفشلها في دعم المقاولات الصغرى والصغيرة جداً، موضحاً أن آلاف المقاولات أُغلقت بسبب تعقيد المساطر الإدارية، وطول آجال الحصول على التراخيص التي انتقلت، حسب قوله، من شهر واحد إلى ثمانية أشهر.

واعتبر أن البيروقراطية والعبث الإداري ساهما بشكل مباشر في ارتفاع معدلات البطالة، بعيداً عن أي مبررات مرتبطة بالجفاف أو الأزمات الخارجية.

وكشف المتحدث أن أكثر من 40 ألف وحدة إنتاجية تُغلق سنوياً، معتبراً أن هذا الرقم يعكس “نزيفاً حقيقياً” في مناصب الشغل، خاصة وأن 88 في المائة من الشركات المغربية لا يتجاوز عدد العاملين فيها ثلاثة أشخاص. وأضاف أن المقاول الصغير يقضي وقته بين الإدارات والشبابيك بدل التركيز على الإنتاج، في ظل وثائق ومساطر معقدة لا تنتهي.

كما انتقد أوزين اختلالات الصفقات العمومية، معتبراً أن دفاتر التحملات تُفصّل أحياناً على مقاس “المحظوظين”، وأن القرب من مراكز القرار أصبح، في نظره، الطريق الأسرع للنجاح، بدل الابتكار وجودة الخدمات.

واستشهد بتجارب دولية، مثل الشيلي وكوريا الجنوبية والبرتغال، التي نجحت في تقليص الفساد وتعزيز مشاركة المقاولات الصغرى عبر تبسيط المساطر وتفعيل الرقابة والشفافية.

وخلص إلى أن المغرب في حاجة إلى إصلاحات عميقة وشجاعة تعيد الاعتبار للمقاولة الصغرى، وتحمي أرواح المواطنين، وتضمن إعلاماً مسؤولاً، محمّلاً الحكومة مسؤولية تاريخية في تصحيح المسار قبل فوات الأوان.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *