معارضة البرلمان تهاجم الحكومة: "مدارس الريادة" تعمّق الفوارق وتفتقد للفعالية

وجهت فرق ومجموعات المعارضة بمجلس النواب انتقادات حادة للحكومة، متهمة إياها بتقديم صورة غير واقعية عن وضع المنظومة التعليمية، وبالفشل في تفعيل مقتضيات القانون الإطار والرؤية الاستراتيجية للإصلاح. واعتبرت المعارضة أن مشروع "مدارس الريادة" يعزز الفوارق داخل المدرسة العمومية، ويُنفذ بطريقة تجزيئية تفتقر إلى الشمولية والنجاعة.

 

وخلال جلسة المساءلة الشهرية التي خُصصت لموضوع إصلاح التعليم، انتقدت المعارضة تغييب الكفاءات الوطنية عن تقييم البرامج التعليمية، والتسرع في إصدار المراسيم المتعلقة بلغة التدريس والتوجيه المدرسي، معتبرة أن ذلك أسفر عن ارتباك واضح في التنزيل، وأضر بمبدأ التناوب اللغوي، خاصة في ظل فرض اللغة الفرنسية في السلك الإعدادي.

 

وسجلت مداخلات الفرق البرلمانية مؤشرات مقلقة تتعلق بضعف تحصيل التلاميذ، وارتفاع نسب الانقطاع عن الدراسة، إلى جانب مظاهر سلبية داخل بعض الأنشطة التربوية، واعتبرت أن الحكومة اختارت تهميش المرجعيات الوطنية وتقارير المؤسسات الدستورية، بدل الانكباب على معالجة هذه الاختلالات بجدية.

 

صورة غير واقعية

 

في هذا السياق، انتقد الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، على لسان النائب محمود عبا، ما سماه "الصورة الوردية" التي تحاول الحكومة تقديمها حول التعليم، في تجاهل صريح لاختلالات المنظومة رغم تقارير المؤسسات العمومية ومضامين القانون الإطار.

 

وأشار الفريق إلى ضعف نجاعة المدرسة العمومية، وتراجع تكافؤ الفرص، وانعدام الثقة في مسار الإصلاح، كما اتهم الحكومة بغياب الانسجام بين التعليم ومحيطه الاقتصادي والاجتماعي، واستمرار منطق "المناولة" في التعليم الأولي، حيث تُشرف ثلاث جمعيات فقط على 90% من هذا التعليم، في ظل هشاشة عقود عشرات الآلاف من المربيات.

 

ووصف تجربة "مدارس الريادة" بالمحدودة والباهظة، منتقداً تبذير الموارد في المعدات والبنيات على حساب المضامين البيداغوجية، كما استنكر لجوء الحكومة إلى مؤسسات أجنبية للتقييم وتهميش الكفاءات الوطنية، معتبراً أن هذا النهج يُفقد المشروع الانسجام مع الخصوصيات الثقافية المغربية.

 

إخفاقات بنيوية

 

من جانبه، اعتبر النائب حسن أومريبط عن فريق التقدم والاشتراكية أن الحكومة حوّلت البرلمان إلى مجرد "غرفة تسجيل"، وأفرغت المساءلة الشهرية من مضمونها الدستوري، مشيراً إلى أن الشعار المرفوع حول "الدولة الاجتماعية" لم يجد له أي أثر في السياسات التعليمية.

 

وسجل فشل الحكومة في الالتزامات التي تضمنها البرنامج الحكومي، من بينها تحسين ترتيب المغرب تعليمياً، وتعميم اللغة الأمازيغية، وزيادة أجور الأساتذة، مشيراً إلى أن الاستجابة لهذه المطالب كانت متأخرة وجزئية.

 

وحذر من تفاقم الهدر المدرسي، خصوصاً في صفوف الفتيات بالعالم القروي، حيث يُغادر حوالي 295 ألف تلميذ مقاعد الدراسة سنوياً، مما يعمّق أزمة "النيت"، التي تشمل أزيد من 4 ملايين شاب خارج دائرة الدراسة أو العمل أو التكوين.

 

كما نبه إلى تفاقم أزمة التعليم العالي، منبهاً إلى الهدر الجامعي، وغياب مركّبات جامعية، وتراجع تمويل البحث العلمي، وضعف التأطير الجامعي، وارتفاع بطالة الخريجين، مشيراً إلى أن الحكومة أعطت الأولوية للوبيات المال على حساب الأسرة التعليمية.

 

مدرسة الريادة تحت المجهر

 

بدورها، وجهت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية انتقادات لاذعة للحكومة، متهمة إياها بتجاهل المشاكل البنيوية للمنظومة، واستخدام مشروع "مدرسة الريادة وجامعة التميز" كواجهة لتغطية الإخفاقات المتراكمة.

 

وسجّلت المجموعة ضعف قدرة التلاميذ على استيعاب المقررات، وارتفاع حالات الانقطاع عن الدراسة في المؤسسات النموذجية، واعتبرت المشروع تجريبياً وفاشلاً، يزيد من الفوارق داخل المدرسة العمومية.

 

كما أثارت قضية فرض الفرنسية في السلك الإعدادي، ووصفت ذلك بانتهاك صريح للقانون الإطار، إلى جانب الإشارة إلى بعض الأنشطة الموازية التي تضمنّت مشاهد لا تتماشى مع القيم المغربية، مما أثار استياءً في الأوساط التربوية والأسرية.

 

وانتقدت المجموعة تغييب الهيئة الوطنية للتقييم، وتكليف أطراف خارجية بمهام التقييم والمتابعة، وهو ما أسفر عن تناقض في المرجعيات بين التربوية والمقاولاتية.

 

وفي ملف التعليم العالي، استنكرت المجموعة ما وصفته بـ"الصمت الحكومي" إزاء أزمات الجامعات، خاصة ارتفاع نسب الهدر وإلغاء مؤسسات جامعية، في ظل استمرار معاناة الطلبة من نقص المنح والسكن الجامعي.

 

وختمت بدعوة لإصلاح شامل وجذري للمنظومة التعليمية، يرتكز على معالجة الاختلالات البنيوية، وضمان تكافؤ الفرص، واحترام الهوية الوطنية والتوصيات الدستورية المتعلقة بجودة التعليم.