من صاحبات روتيني اليومي إلى مي نعيمة.. أزمة مشاهير التواصل في المغرب مع القيم

*محمد الزعراط

حققت مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات العشر الأخيرة، وخصوصا اليوتيوب شهرة واسعة وأرباحا مادية للبعض، فأصبحت أخبارهم تحدث ضجة على مواقع التواصل حتى وإن لم يقدموا محتوى حقيقيْ ومنهم من يدعي أنه مؤثر.

وأصبحت تطرح مع جيل "المؤثرين" مجموعة من الإشكاليات، خصوصا مع تباهيهم بتحقيق أرقام قياسية في نسبة المشاهدة، وتربعهم على عرش " طونطونس" المغربي لأيام، رغم تفاهة ما يقدمه البعض، منهن من تغسل رجلي زوجها ومنهم من عنونت حلقتها بروتيني اليومي وكيف أقوم بترتيب غرفة نومي وهي ترتدي سروالا مثيرا او منامة ضيقة ، فأول إشكالية تطرح هي "أزمة مشاهير التواصل مع القيم".

وتزامنا مع البدايات الأولى لانتشار فيروس كورونا المستجد ببلادنا، وإسراع الدولة لاتخاد إجراءات احترازية ووقائية من هذه الجائحة، ظهرت الشخصية المعروفة في الطوندونس المغربي ب"مي نعيمة البدوية" في فيديو وهي تتحدث عن فيروس كورونا بأسلوب يفتقر للوعي والاحترام، إذ قالت أنها غير مؤمنة بأي فيروس، وستستمر في تقبيل الناس بالشارع ومصافحتهم.

وانتشر مقطع الفيديو المذكور، الذي لقي استياء واسعا من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عمدوا إلى إنشاء مجموعات على الفيسبوك لغرض التبليغ عن المحتوى غير اللائق بقيم المجتمع المغربي، ودعم المحتويات الهادفة ذات الطابع الرسالي، على حد قولهم.

وأدت هذه المجموعات إلى حذف إدارة اليوتيوب لقناة"مي نعيمة البدوية" بعد ساعات قليلة فقط من نشره بسبب العدد الكبير من التبليغات.

ونشر الفيسبوكيين تدوينات بالجملة يؤكدون فيها عدم اتفاقهم مع المحتوى التي تقدمه المرأة البدوية، والأخص الفيديو المتعلق بجائحة كورونا.

وبعد الضجة التي خلقها هذا المقطع، قررت النيابة العامة بالبيضاء حينها متابعة الملقبة ب"مي نعيمة" في حالة اعتقال، ليتم بعد ذلك الحكم عليها من طرف المحكمة الابتدائية بالسجن لسنة نافذة بتهمة نشر محتويات زائفة بواسطة الأنظمة المعلوماتية، ومخالفة قرار إداري صدر بشكل قانوني.

تطهير اليوتيوب ومحاربة التفاهة، شعار رواد مواقع التواصل الذين دشنوا الحملة غير المسبوقة، والتي أثارت رعب العشرات ممن تربعوا على عرش الطوندونس المغربي، فكان أولى ضحاياها "مي نعيمة البدوية"، ثم اتجهت البوصلة للمعروفة ب"أسماء بيوتي". حيث أدت موجة "السينيال" إلى إغلاق قناتها التي كانت تضم أزيد من مليون ونصف متابع، وذلك بسبب نشرها لفيديو تظهر فيه وهي تكثر من التسوق وتخزين المواد الغدائية قبل الإعلان عن الحجر الصحي، فضلا عن مساعدة أسرة فقيرة وهي توثق ذلك بكاميرتها، في الوقت التي كثرت الدعوات للتضامن وإظهار الجانب الإنساني والأخلاقي لدى المغاربة.

واعتبر نشطاء مواقع التواصل هذه الحملة من الحسنات التي جاء بها فيروس كورونا، بعدما عرف اليوتيوب المغربي ما أسموه بمحتويات لا تمت لأخلاق المغاربة بصلة.

*صحافي متدرب