في ظل الأزمة الصحية لانتشار فيروس كورونا الذي تعاني منه العديد من دول العالم، وما تخلف عنه من إصابات بمئات الآلاف ووفيات بالآلاف، وهلع وخوف لملايير البشر في مختلف بقاع المعمورة، ظهرت مجددا إشكالية دور الإعلام في وقت الأزمات، ومدى التزام نساء ورجال الإعلام بمختلف الوسائل الإعلامية التقليدية والجديدة، بالقواعد والأسس العلمية لإدارة الأزمة، والحرص على عدم الوقوع في مغبة نشر المغالطات وتصعيد الأزمات وتأجيجها.
إن الأزمة التي يعيشها المغرب اليوم، كما العالم كله، هي حالة استثنائية غير مسبوقة، وقد انخرط في التصدي لها العديد من الفاعلين، كل من موقعه، ومن بين الفاعلين الأساسيين والدعائم الهامة نجد الإعلام المغربي، وهنا يَنْطَرح سؤال جوهري: "أي دور للإعلام في زمنِ الأزمات، وكيف يتعامل الإعلام المغربي مع حالة "الطوارئ الصحية؟".
يرى الدكتور عبد الوهاب الرامي، الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، أنه على الإعلام أولا أن يشرح هذه الأزمة في كل تمظهراتها، وعلى مستوى المنطق الذي يحكمها، ثانيا لا بد من قيام الإعلام بثلاث وظائف وتفعيلها، أولا وظيفة النقل، فيجب أن تنقل الأخبار صحيحة، وبموازاة مع ذلك التصدي للأخبار الزائفة، وتصبح مهمة التصدي للأخبار الزائفة أساسية في إعلام الأزمة، والوظيفة الثانية، هي وظيفة الشرح، فلكي يقتنع الجمهور بما يجري، يجب أن يتم شرح الأزمة وملاباساتها والفاعلين في الأزمة والخطابات المرتبطة بالأزمة، وكذلك تأثير الأزمة على الجمهور، فمسألة الشرح مهمة جدا خارج نقل الوقائع والأحداث.
ثم الوظيفة الثالثة، يضيف المتحدث ذاته، وهي وظيفة أساسية في إعلام الأزمة ترتبط بأجناس الرأي، فالخطاب الاستباقي أو الخطاب الاعلامي المؤطر هو أساسي جدا وعلى الاعلام أن يكون له موقف خلال الأزمة، وهذا الموقف مرتبط بخط التحرير.
ويؤكد الرامي أن "هذه الوظائف الثلاث مهمة جدا، النقل الجيد والسليم، التصدي للشائعات والأخبار الزائفة والمضللة، وشرح عناصر الأزمة وملابساتها، والتأطير عبر الرأي ليكون الخطاب الإعلامي إيجابي، وبتالي عدم السقوط في الخلل الوظيفي المرتبط بخلق البلبلة والرعب والخوف والهواجس السلبية المرتبطة بالأزمة".
وأوضح الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال "أن الإعلام المغربي بشكل عمومي تعامل مع الأزمة بشكل مستحسن"، مؤكدا أنه يجب أن نميز بين أداء الإعلام أي الصحافة وجملة التعبيرات على وسائل التوصل الاجتماعي، فالاعلام المغربي يتصرف بشكل مسؤول، رغم أن الاعلام المكتوب الآن وخاصة في ظل هذه الأزمة لا يقرأ، في الوقت الذي كانت في الجرائد تشترى من الأكشاك وتقرأ في المقاهي، تقلص دور الإعلام المكتوب هنا، رغم أنه على المستوى التحفيزي والتحسيسي والوقائي والاحترازي، الصحافة المكتوبة يمكنها أن تعمق الأشياء وتخلق وعيا مرتبط بالأزمة".
وفي نفس السياق، أضاف المتحدث ذاته:" يبقى التلفزيون الذي يجب عليه في الواقع أن يخرج من خانة التذبذب وأن يواكب بشكل مستمر تطور الأزمة، لكن الأكثر من ذلك أن يخلق خطابا إيجابيا، بعيدا عن الخزعبلات والسخافات والتفاهات التي توجد على شبكات التواصل الاجتماعي".
وأشار عبد الوهاب الرامي إلى أنه في المغرب يجب على الإعلام أن يعمل على مستوى تبسيط الأزمة وحث على المواطنين المغاربة على الالتزام بالشروط والضوابط التي تصدر عن الجهات المختصة لعزل هذا الفيروس وكذلك يجب أن تخلق خطابا إيجابيا حول الأزمة وأن تتعامل بشكل إيجابي على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي حتى يكون لخطابها الايجابي امتداد على مستوى الشبكة العنكبوتية وخاصة على صعيد شبكات التواصل الاجتماعي.