الجزائر: الشعب يسقط كل خطط النظام..وإسبانيا متخوفة من اللاجئين

في بلد لا تزال سلطته الحاكمة تستمدّ شرعيتها من دور رموزها ومؤسساتها، الدور الذي لعبته إبان ثورة الاستقلال بين عامي 1954 و1962، بدأ الحراك الشعبي، يقلب الموازين، ويهزّ أركان النظام، بلا هوادة.
ورغم قولِ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أمس الإثنين، إن الجزائر مقبلة على تغيير نظام حكمها، وتجديد منهجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي كذلك.

ورغم أنه أوضح، أن الندوة هي التي تتخذ القرارات الحاسمة الكفيلة بإحداث القفزة النوعية، التي تتجسد من خلال تعديل دستوري شامل وعميق، كما أكد أن الشعب هو من يبت في التعديل الدستوري عن طريق الاستفتاء.

رغم كل هذا، إلا أنها لم تخفت وتيرة الاحتجاجات المطالبة بالتغيير في الجزائر، ولم تغير شيئا، بل تغير الشعار من رفض “العهدة الخامسة”، إلى رفض تمديد “العهدة الرابعة”، بعد إعلان بوتفليقة انسحابه من السباق الرئاسي، وتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة الشهر المقبل.

ويبدو أن النظام الجزائري يحاول بشكل يائس كسب الوقت، ورؤية كيف يواجه الاحتجاجات الضخمة التي تغلبت عليه.

في خضم هذا، تراقب إسبانيا، الوضع الجزائري، بعين مفتوحة، ويد على القلب، كما وصف ذلك كاتب إسباني، على عمود له في صحيفة “لاأوبينيون” الإسبانية.

وقال خورخي ديثكايار، "إن الجزائر أقرب إلى مدريد من الرباط، وإذا ساءت الأمور فسنملأ باللاجئين".

مضيفا، أنه لهذا السبب وحده، يجب “علينا الانتباه إلى ما يحدث هناك، على الرغم من أن الجزائر هي أكبر بلد في القارة، ولديها احتياطيات ضخمة من الغاز (الذي ترسل إلينا)، ونفوذ سياسي ودبلوماسي ملحوظ في إفريقيا”.

ويضيف الكاتب، أنه رغم ما تحظى به، إلا أن الجزائر لم “تعرف كيف تسلك الطريق إلى الديمقراطية، التي اغتصبت بعد الاستقلال، من قبل أولئك الذين سمحوا بذلك، من جبهة التحرير الوطني إلى الجيش نفسه”.

وأضاف ديثكايار، أن هذا الوضع، جعل الجزائر، بين دول العالم، الدولة الوحيدة التي يمكن أن يقال عنها، أنه “كل دولة لديها جيش، باستثناء الجزائر حيث توجد دولة للجيش”.

ويرى الكاتب إلى أن الجيل الحالي، الذي يقود الحراك، لم يعش سوى رئاسة عبد العزيز بوتفليقة الذي تولى السلطة قبل عشرين عامًا، بعد فترة ما يسمى “العشرية السوداء”، والتي أسفرت عن مقتل 200 ألف جزائري، ولم يعيشوا تلك الوحشية التي تسببت للجزائر في عدم اشتعال فتيل الربيع العربي، الذي أطاح بن علي في تونس، والقذافي في ليبيا، ومبارك في مصر.

وليس لديهم ذاكرة تختزل الملحمة الأولى، الإستعمار، ولا مآسي الثانية، الحرب الأهلية، يضيف الكاتب، مؤكداً إن شواغلهم غير ذلك، فهم يريدون العمل، ويريدون الحرية ، ويرفضون هؤلاء الذين يوثرون أنفسهم بالسلطة ولا يحلون المشاكل التي تطغى على حياة الشعب اليومية.

وفي السياق، ألمح رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، الإثنين، إلى احتمال تدخل الجيش لحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد حاليا، مؤكدا أن الجيش يجب أن يكون مسؤولا عن إيجاد حلول لتلك الأزمة.

لكن كل تلك القرارات، والتصريحات، لم توقف الاحتجاجات الشبابية، حيث يعتبرونها “تمديدا”، لحكم الرئيس المنهية ولايته، و“التفافا على الحراك الشعبي الذي يطالب برحيله”.