الخياري يدخل على خط اتهامات بوانو ويعيد النقاش إلى جوهر الحصانة

عاد النقاش حول مدى اتساع الحصانة البرلمانية ليطفو بقوة على سطح الجدل السياسي والقانوني، عقب تشبث عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، باتهاماته لوزير الصحة والحماية الاجتماعية بوجود شبهة “منح صفقة لوزير”، وما رافق ذلك من تصريحات داخل لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، وتفاعل حكومي وقضائي أثار نقاشا واسعا حول حدود حرية التعبير داخل البرلمان.

في هذا السياق، نشر المحامي شكيب الخياري تدوينة مطولة على صفحته الشخصية بـ “فايسبوك”، قدم فيها قراءة قانونية دقيقة لمقتضيات الفصل 64 من الدستور، الذي ينظم الحصانة الموضوعية الممنوحة للنواب والمستشارين.

وشدد الخياري على أن الحصانة مرتبطة حصرا بإبداء الرأي أو التصويت خلال مزاولة المهام البرلمانية، دون أن تمتد إلى جميع الأقوال التي قد تصدر عن البرلماني، مثل السب أو القذف أو اختلاق وقائع لا أساس لها.

ووفق تحليل الخياري، فإن “الرأي” المقصود دستوريا هو موقف أو تقييم أو تقدير ذاتي تجاه واقعة قائمة أو نص تشريعي أو سياسة عمومية، بينما “الواقعة” هي حدث خارجي يمكن إثباته بالوسائل المتعارف عليها. لذلك، فإن البرلماني حين ينتقل من التعليق على واقع ثابت إلى نسب أحداث غير موجودة للأشخاص أو المؤسسات، فإن فعله يتحول من إبداء رأي محمي إلى “إخبار كاذب” لا تغطيه الحصانة.

وأكد الخياري أن الحصانة استثناء في القانون، ولا يجوز تفسيرها بشكل موسع يتيح تحويلها إلى حماية لممارسات مضرة بسمعة الأفراد، واعتبر أن إدخال اختلاق الوقائع ضمن نطاق الرأي هو تأويل غير منسجم مع روح الدستور ولا مع الغاية التي من أجلها وضعت الحصانة: حماية حرية النقاش البرلماني، لا توفير غطاء لادعاءات غير مثبتة.

وجاءت تدوينة الخياري عقب الجلسة التي جدد فيها عبد الله بوانو اتهاماته بشأن شبهة تضارب المصالح في صفقات الأدوية، إذ تحدث داخل لجنة القطاعات الاجتماعية عن “صفقة مُنحت لشركة يسيرها شقيق وزير، وعن امتلاك زوجة الوزير وابنته أسهما فيها، مؤكدا أن ما يثيره حزبه “ليس ادعاء مجانيا” وأنه مستعد لتحمل مسؤوليته الكاملة في تصريحاته.

واستعرض رئيس المجموعة النيابية للبيجيدي معطيات جديدة حول حجم المعاملات المرتبطة بالشركة المعنية، قائلا إن تعامل وزارة الصحة معها خلال سنة 2024 كان “صفر درهم”، بينما بلغ رقم معاملات المراكز الاستشفائية الجامعية معها حوالي 8 ملايين درهم، قبل أن يرتفع إلى 32 مليون درهم مع الوزارة و50 مليون درهم مع المراكز الجامعية خلال سنة 2025.

وبينما شدد بوانو على أن لا مشكلة لحزبه مع المستثمرين أو رجال الأعمال، اعتبر أن البيان الصادر عن وزارة الصحة لم يحمل جديدا، مجددا مطالبته بإحداث لجنة تقصي الحقائق باعتبارها “الجهة الوحيدة القادرة على الحسم: فإما إدانته إن كان مخطئا، أو تأكيد الحق إن كانت المعطيات صحيحة”.

كما أشار إلى حديث عن دخول النيابة العامة على خط الملف، موضحا أن البرلمان يحترم استقلال القضاء، غير أن تدخل أطراف أخرى في الموضوع يعد، بحسب تعبيره، انتقاصا من اختصاصات السلطة التشريعية، مؤكدا أن تقرير لجنة تقصي الحقائق هو الذي يجب أن يفصل في كل الإشكالات المطروحة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *