الأغلبية: العدالة المجالية تتطلب سياسات جديدة وتجاوز الاختلالات

شهد مجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، نقاشًا حادًا ومكثفًا حول موضوع “التنمية الترابية ورهانات تحقيق العدالة المجالية”، حيث سلطت فرق الأغلبية الضوء على الحاجة الملحة إلى إصلاح شامل للسياسات العمومية المرتبطة بتوزيع الموارد والثروات بين الجهات والمناطق الحضرية والقروية والمناطق الجبلية النائية.

وأكدت الأغلبية أن التفاوتات المجالية ما زالت تمثل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق تنمية متوازنة وشاملة، رغم البرامج والمبادرات الحكومية السابقة، مشيرة إلى أن هناك حاجة ماسة إلى مقاربات جديدة ترتكز على التخطيط الجهوي الفعّال، تعزيز الحكامة، وترسيخ ثقافة النتائج لضمان انتقال حقيقي للاختصاصات والموارد إلى الجهات، وتمكين كل المواطنين من الاستفادة المتكافئة من خدمات التنمية وفرص الاستثمار.

محمد بن فقيه:الحكومة لا تحرج في الحديث عن التراكمات السلبية والإيجابية

أكد عضو الفريق محمد بن فقيه أن الحكومة لا تحرج في الحديث عن التراكمات السلبية والإيجابية، مبينًا أن التنمية الترابية تقوم على ثلاث ركائز أساسية: تثمين الإمكانات المجالية، التوازن في توزيع الثمار، والتآزر الوطني بين المجالات والفئات الاجتماعية.

وأوضح أن المدبر العمومي يركز جهوده على المناطق ذات الكثافة السكانية لتحقيق نجاعة أكبر في الإنفاق، لافتًا إلى أن تكلفة توفير الخدمة في المناطق الحضرية أقل بكثير من المناطق النائية.

وأضاف أن العملية تعتمد مقاربة تشاركية يشترك فيها الولاة والعمال والمنتخبون والمجتمع المدني، لإيجاد صيغ توافقية وحلول قابلة للتنفيذ على مستويات متعددة من التباين، سواء بين الجهات، أو بين مراكز الجهات والمجالات البعيدة عنها، أو بين المدن وضواحيها.

وأشار بن فقيه إلى أن هذه العناصر تعد مفاتيح لصياغة نماذج جديدة للسياسات الترابية المندمجة، داعيًا إلى الانتباه للفرصة الديمغرافية التي يوفرها الانتقال السكاني لتعزيز النمو الاقتصادي، مع ضرورة ضمان الولوج إلى تعليم ذي جودة وفرص شغل حقيقية، مع معالجة التمدن السريع الذي بلغ سكان المدن فيه أكثر من 63% سنة 2024. كما شدد على أهمية المدخل التشريعي لتأطير التنمية الترابية، واقترح تقييم بعض الأدوات المؤسساتية ووضع قانون إطار للمناطق الهشة مثل الجبال والحدود والمناطق القاحلة.

كريم الهمس:الجهود الحكومية السابقة لم تنجح بعد في معالجة الواقع الفعلي للتفاوتات

من جانبه، أقرّ رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، كريم الهمس، بأن الجهود الحكومية السابقة لم تنجح بعد في معالجة الواقع الفعلي للتفاوتات، رغم البرامج والمخططات المختلفة لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية وفك العزلة عن العالم القروي.

وأضاف أن النجاح لا يكمن فقط في “السرعة الأولى” التي حسنت البنية التحتية للمدن الكبرى، بل يجب رفع إيقاع “السرعة الثانية” لتشمل المجالات الهشة، مع تغيير ملموس في العقليات وطرق العمل، وترسيخ ثقافة النتائج، واستخدام معطيات ميدانية دقيقة والتكنولوجيا الرقمية بشكل أمثل.

ودعا الهمس إلى مراجعة القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لتوسيع اختصاصاتها، ونقل المزيد من الصلاحيات والموارد نحو الجهات، مع إنشاء خارطة معطيات دقيقة للقطاعات الاجتماعية، وتعميم شبكة “تيكنوبارك” في الأقاليم الأكثر هشاشة لدعم التشغيل المحلي.

عبد السلام اللبار:الحكومة بدأت العمل على إعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية

أكد رئيس الفريق الاستقلالي بمحلس المستشارين، عبد السلام اللبار، أن الحكومة بدأت العمل على إعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية، متفاعلة مع التوجيهات الملكية، من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2026، وإحداث صندوق للتنمية الترابية المندمجة، وإطلاق مشاورات مع مختلف الفاعلين.

وأشار إلى أن العديد من المناطق القروية والنائية تعاني من هشاشة اجتماعية وتنموية متعددة، وهو أمر لم يعد مقبولًا في مغرب النموذج التنموي الجديد، داعيًا إلى مراجعة طريقة صناعة القرار العمومي المرتبط بالتنمية الترابية وتوسيع قاعدة المستفيدين من شبكات الأمان الاجتماعي.

هناء بن خير :بعض المناطق ما زالت تعاني اختلالات بنيوية عميقة في التعليم والصحة والسكن

أكدت هناء بن خير، عن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابي لحزب الاستقلال، أهمية السير بسرعة واحدة في تنفيذ التنمية في جميع المجالات الترابية، مشددة على ضرورة المقاربة التشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص في إعداد الجيل الجديد من برامج التنمية.

ولفتت إلى أن بعض المناطق، خاصة القروية، ما زالت تعاني اختلالات بنيوية عميقة في التعليم والصحة والسكن، مشددة على أن القطاع الخاص مطالب بمساهمة فعالة في تحقيق العدالة المجالية من خلال الاستثمار المنتج، ومواجهة البطالة في العالم القروي خاصة مع تأثير سنوات الجفاف المتتالية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *