كشف محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن حكومة سعد الدين العثماني قررت الرفع من المناصب المالية المخصصة لقطاعي الصحة والتعليم إلى حوالي 22 ألفا و500 منصبا ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2021، المرتقب المصادقة عليه قريباً.
وقال بنشعبون، خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، إن قطاع الصحة سيُخصّص له سنة 2021 حوالي 5500 منصب مالي؛ ما يمثل ارتفاعاً بـ1500 منصب مقارنةً مع سنة 2020، موضحا أنه سيخصص لقطاع التعليم 17 ألف منصب مالي، بارتفاع يُمثل 2000 منصب مالي جديد مقارنةً بسنة 2020.
وأشار المصدر ذاته إلى أن نفقات المعدات المخصصة لقطاع الصحة، ستشهد برسم السنة المقبلة زيادةً بحوالي 717 مليون درهم، أما بالنسبة لقطاع التعليم ستزيد بحوالي 2.9 مليارات درهم، مبرزا أنه على مستوى الاستثمار، سيتم رفع نفقاته بالنسبة لقطاع الصحة بما يناهز 850 مليون درهم، وزائد 528 مليون درهم بالنسبة لقطاع التعليم.
وأضاف الوزير أن الرفع من المناصب المالية ونفقات المعدات والاستثمار لقطاعي التعليم والصحة برسم السنة المقبلة يمثل زيادة بحوالي 5 مليارات درهم كنفقات إضافية.
في هذا السياق قال رشيد العبدي رئيس فريق حزب “الأصالة والمعاصرة” بمجلس النواب، إن أزمة كورونا وما خلفته من تداعيات أعمق مما كنا نتصور.
ووصف العبدي الأرقام التي أعلن عنها محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية حول ركائز مشروع قانون مالية 2021 بالصادمة.
وتساءل العبدي عن من يتحمل مسؤولية هذه الأرقام، فصحيح أن جميع دول العالم تعرف هذه الأزمة، إلا أن تأثيرها في المغرب هو فوق المعدلات المسجلة في محيطنا.
ولفت إلى أن البرلمان أصبح آخر محطة تناقش فيها الملفات الكبرى، لأن الأرقام تخرج وتناقش في وسائل الإعلام قبل وصولها للمؤسسة التشريعية.
وأشار أنه يجب أن يكون للمدافعين عن النسيج الاقتصادي كلمتهم، وأن يحاسب من اتخذ بعض القرارات غير المفهومة خلال الأزمة، ومنها إغلاق جميع المدن بالمغرب حتى التي لا تنتشر فيها إصابات لمدة ثلاث أشهر بقرار مركزي.
ودعا العبدي إلى محاسبة المسؤولين عن القرارات الحمقاء المتخذة خلال الجائحة.
وأضاف “إحصائيات البطالة خطيرة والمقاولات تغلق أبوابها يوما بعد يوم علما أنها في الأصل تعاني من الهشاشة”.
وأبرز أنه بتشخيص إمكانيات المغرب نجده يعتمد على الفلاحة والحرف اليدوية، وليس له ارتباطات هيكلية بالاقتصاد العالمي ما عدا مع فرنسا التي تفرض علينا بعض الإيقاع، فلماذا كان تأثير الأزمة علينا كبير؟.
وتابع ” نسبة الوفيات عندنا أقل من النسب المسجلة في العالم ومع ذلك تأثير الأزمة عندنا كبير، وبمجرد ما ترتفع الإصابات في مدينة معينة تهرع الحكومة لإغلاقها عبر قرارات ارتجالية”.
وخاطب العبدي وزير الاقتصاد بالقول ” قلتكم في أحد تصريحاتكم بأن مؤسسات الحكومة تلزمها حكامة، فكم يكلف غياب الحكامة المغرب؟”.
وأبرز أن إجراءات التعافي الاقتصادي يجب أن تكون حسب خصائص كل مدينة، فمراكش مدينة سياحية ولم تتخذ إلى الآن أي إجراءات لإنقاذ القطاع السياحي بها لأنها أصبحت مدينة أشباح.
وشدد على أنه للخروج من الأزمة لا بد من إطار جهوي يراعي خصوصيات كل جهة، مضيفا “ويلزمنا كذلك رجالات دولة يشتغلون وفق منطق الجهوية وأن ننسى المركزية”.
وقال عمر بلافريج إن الزيادة التي اقترحتها الحكومة في ميزانية وزارة الصحة برسم مشروع قانون مالية 2021 غير مناسبة.
وأوضح بلافريج، أن هذه الزيادة لا تمثل سوى 0.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وتابع “لدينا 12 ألف طبيب في القطاع العمومي، وليس لدينا ما يكفي من الأطباء والممرضين في العديد من الاختصاصات وعلى رأسها الإنعاش”.
وأكمل “نحتاج إلى استراتيجية جديدة، وإلى مجهود كبير على مستوى الموارد البشرية في قطاع الصحة”.
وأكد بلافريج أن الأجور المرصودة للأطباء في القطاع العام غير كافية ولهذا يهربون إلى القطاع الخاص، وفي كثير من الأحيان لا يهتمون أبدا بالمناصب التي تعلن عنها وزارة الصحة.
وشدد على أن حلم الطبيب المغربي هو العمل في القطاع الخاص الذي يوفر أجورا تفوق بعشر مرات نظيره في القطاع العام، أو الهجرة لأوروبا.
وأكد بلافريج أن جائحة كورونا عرت المشاكل التي تتخبط فيها العديد من القطاعات وعلى رأسها الصحة والتعليم.
وأبرز أن كل هذه المشاكل من الممكن أن تعالج، لكن هذا لن يحدث دون ميزانية حقيقية.
وخلص بلافريج إلى أن هذه الزيادة غير كافية لخلق صدمة إيجابية في قطاعي الصحة والتعليم.
واعتبر أن الشيء الإيجابي الوحيد في المشروع هو تعميم التغطية الصحية، لكنها لن تكون ناجعة دون تحسين الخدمات التي قدمها القطاع.
ولفت أنه ليس بالضرورة الدولة هي من ترفع ميزانية الصحة والتعليم، فالجميع مطالب بالقيام بهذا المجهود، مثل الجماعات الترابية والجهات.
وشدد على أن الخروج من الأزمة يتطلب حلولا مبتكرة وليس قرارات كلاسيكية.
وختم بالقول ” على أثرياء البلد أن يقوموا بمجهود للمساعدة في الخروج من الأزمة كأفراد وليس كشركات، عن طريق تقديمهم لقروض للدولة، أو من خلال المساهمة الاستثنائية والمعقولة على الثروة، مؤكدا أن هذا هو وقت تطبيق الضريبة التصاعدية على الثروة والإرث”.