شكل موضوع ” الجهوية المتقدمة بالمغرب .. التعليم العالي نموذجا : قراءة في الأدوار والفرص” محور النسخة الأولى للمؤتمر العلمي الجهوي ، الذي تنظمه المدرسة العليا للتكنولوجيا والكلية المتعددة التخصصات بالسمارة بشراكة مع جامعات محمد الخامس والقاضي عياض وابن زهر ،والمركز الاطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الامني ومركز اطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية ،ومركز ابن خلدون.
وشكل هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة ثلة من الأساتذة والفاعلين المرموقين في المجال العمومي إلى جانب فاعلين محليين، مناسبة هامة للإسهام في مناقشة القضايا المتصلة بدور الجهوية المتقدمة في التنمية الترابية، وكذا لطرح تصورات وآراء حول مستقبل التعليم العالي والبحث العلمي على المستوى الوطني عموما، وعلى مستوى جهة العيون الساقية الحمراء على وجه الخصوص.
وتوزعت اشغال النسخة الأولى من المؤتمر العلمي الجهوي المنعقد بالعيون والمعنون ب “الجهوية المتقدمة بالمغرب: الأدوار والفرص، لثلات جلسات:
الجلسة الأولى:اختارت ”المتقدمة في إطار النموذج التنموي الجديد” عنوانا لها، وقد تدخل فيها الدكتور محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية وعميد كلية الحقوق قلعة السراغنة ، وعبد العزيز العروسي، نائب عميد كلية الحقوق اكدال الرباط،بالاضافة الى توفيق برديجي رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة العيون الساقية الحمراء، وميلود بلقاضي استاذ بجامعة محمد الخامس، ومحمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية.
” الجلسة الثانية فتمحورت حول ”التعليم العالي والبحث العلمي من منظور الجهوية المتقدمة” وقد تدخل فيها عبد الجليل الادريسي، عميد الكلية المتعددة التخصصات بالسمارة،وحميد الركيبي الادريسي مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا بالعيون،بالاضافة إلى بوجمعة البوعزاوي رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق اكدال، وجواد النوحي أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس وعبد الرحمان الوسطاني أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس.
وبخصوص الجلسة الثالثة فتمحورت حول”الجهوية المتقدمة بالأقاليم الجنوبية الأدورا والفرص” وقد تدخل فيها كل من عبد الحميد بنخطاب، استاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، وعبد الرحيم منار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الامني،وعبد الفتاح بلعمشي استاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، ومحمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية وعبد الكريم حيضرة استاذ القانون الاداري بجامعة القاضي عياض.
وقد أجمع المتدخلون على أهمية وراهنية موضوع المؤتمر الجهوي في نسخته الاولى التي ركزت على الجهوية المتقدمة في المغرب، والنموذج التنموي الجديد والبحث العلمي ٫ وهي معادلة محورية في بناء الغد الذي حدد معالمه الكبرى النموذج التنموي الجديد.
وأبرز المتدخلون ، ان هذا اللقاء العلمي يأتي من اجل دراسة ومناقشة الارتباط الوثيق بين الجهوية المتقدمة والتعليم العالي الذي أصبح يعرف تطورا مستمرا على مستوى الأقاليم الجنوبية للمملكة، مشيرين الى ان هذا المؤتمر الذي يعرف مشاركة ثلة من الأساتذة الجامعيين المتخصصين في البعد الترابي والمحلي، الى جانب فاعلين محليين، سيتوج بإصدار بتوصيات لاستشراف مستقبل التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالأقاليم الجنوبية.
واضاف الخبراء ان هذا اللقاء يشكل فرصة للتحضيرات التي تعرفها هذه الجهة لاحتضان أشغال المناظرة الجهوية، يوم 3 يونيو القادم ، حول تسريع منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بالعيون، ومناسبة للتواصل والتحاور والإنصات للفاعلين الجهويين والمجتمع المدني وقطاع السوسيو اقتصادي والأساتذة والموظفين والطلبة من أجل الخروج بتوصيات ستمكن الجهة من ترسيخ مستقبل التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار .
وأكدوا، أن الجامعة المغربية هي الفضاء الاكثر تأهيلا لتحقيق أي تنمية، حيث أنها مؤهلة بحكم خبرات وتجارب أطرها وأساتذتها ، كي تلعب دورا أكثر في مجالي تكوين العنصر البشري ، والبحث العلمي، مع وضع خبرتها ومعارفها رهن إشارة مختلف الفاعلين ، حتى تقوي مساهمتها في تحقيق التنمية المستدامة ، التي يتطلع إليها الجميع ".
وفي السياق ذاته نبه المتدخلون إلى كيفية إعادة توجيه الجامعة المغربية نحو مزيد من الإدماج في ضوء النقاش الوطني حول النموذج التنموي الجديد، وفي معرض جوابه تناول مجموعة من المحددات التي ترسم معالم ” جامعة الغد ” المحققة لمزيد من الإدماج والتنمية.
قائلين إن عملية الإدماج بالنسبة للجامعة ، لها صلة وثيقة بالتكوين والبحث العلمي ، ولكن أيضا بمفهوم المواطنة المسؤولة، التي تعني في جانب منها ، احترام القوانين والوعي بالحقوق والواجبات، واحترام الغير، والعيش المشترك ، والتضامن .
واعتبر الفاعلون ، أن الجامعة تقع في صلب تأهيل المواطنة، فضلا عن دورها التكويني والمعرفي، ومساهمتها في تكوين النخب الوطنية ، مؤكدا على أهمية بناء نموذج تنموي وطني متفرد بتعاون وثيق مع الجامعة المغربية"مؤكدين:"أن هذه الجامعة، التي تعتمد مقاربة تشاركية في كل ما تقوم به ، تتطلع إلى أن تكون فعلا مواطنة ودامجة من خلال توسيع مجال منتوجها وتجويده ، حتى يستفيد منه محيطها."
وأوضح المشاركون أن نقاش الجهوية المتقدمة أصبح متقدما لكون الحديث اليوم تجاوز الصلاحيات والاختصاصات، الى دور المجالس الجهوية في اطار هذا الخيار لخلق الثروة ، مؤكدا ان خلق الثروة لايمكن ان يتحقق إلا من خلال التأسيس لمجتمع المعرفة أو اقتصاد المعرفة.
واضافوا ان أدوار الجامعة تأتي كرافعة في مجال العلم والمعرفة وتقديم الخبرات للمجالس الجهوية، من كونها تساهم في تقوية القدرات عن طريق التكوين والتأهيل، وتقديم الخبرة، بالإضافة الى الاضطلاع بدور أساسي فيما يتعلق بتثمين الرأسمال المادي والثقافي والتراثي، مشيرا في هذا الصدد الى مضامين التقرير العام حول الجهوية المتقدمة والموسعة، التي أكدت على انه مهما تم الاجتهاد في طبيعة النموذج المتعلق بالجهوية المتقدمة، فان اكبر إشكال يكمن في تكوين وتأهيل النخب التي يمكن ان تكون قادرة على ادارة وتدبير مختلف الرهانات والتحديات .
معتبرين، ان هذا المؤتمر يأتي في سياق توجه المملكة المغربية نحو المستقبل عبر نموذج تنموي جديد في افق سنة 2035 ، والذي بالتأكيد يبتغي التركيز على الإنسان والمجال، مركزين ان المجال المتمثل في الجهة يحظي بالصدارة على مستوى النص الدستوري وعلى مستوى الإطار القانوني وكذلك على مستوى الوثائق المرجعية ، مؤكدا على ضرورة جعل الجهوية كورش هيكلي استراتيجي في صلب النموذج التنموي ، خاصة وان البعد الترابي هو بعد أساسي لأنه هو البعد الذي يمكنه خلق الثروة، وان يستوعب التحولات والتغيرات، وتوفير مناصب الشغل للشباب والنساء ولمختلف الكفاءات والخبرات.
وسجل ان النموذج التنموي الجديد وضع الجهوية المتقدمة كإطار ترابي، وكإطار تنموي في صلب اهتماماته ، مبرزا ان الاساس هو خلق تكامل بين الموارد البشرية واللوجيستية والمالية المخصصة الجهوية المتقدمة ، وكذلك الممتلكات القانونية مع الطموح التنموي الذي يبتغي ترسيخ مكانة الإنسان في مسلسل التنمية.
وقد تميز هذا المؤتمر، الذي يأتي في اطار التفاعل المجتمعي والمؤسساتي والأكاديمي مع مشروع الجهوية المتقدمة، بتنظيم ثلاث جلسات علمية تمحورت حول ” الجهوية المتقدمة في اطار النموذج التنموي الجديد ” ، و ”محورية التعليم العالي والبحث العلمي من منظور ورش الجهوية المتقدمة ” و” الجهوية المتقدمة بالأقاليم الجنوبية الأدوار والفرص”.
وختاما ، نقول ان تنظيم هذا المؤتمر الجهوي في نسخته الاولى بالعيون واسمارة شكل فرصة لاعادة الدبلوماسية الجامعية للواجهة في سياق وطني ودولي يتميز بانتصارات الدبلوماسية المغربية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس لطي ملف الصحراء المغربية نهائيا في اطار مبادرة الحكم الذاتي، مع التاكيد على دور الجامعة في تحقيق كل تنمية، لان نجاح الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي الجديد كاستراتيجية تنموية لن تتحقق دون رهانها على الجامعات .