النشر الاستباقي بالمغرب.. إصلاحات طموحة تعرقلها البيروقراطية وضعف التنسيق

كشف تقرير حديث عن واقع النشر الاستباقي للمعلومات في المغرب أن الجهود المبذولة من طرف الدولة في هذا المجال تُظهر بوادر إيجابية وإرادة أولية مشجعة، لكنها لا تزال تعاني من قصور في التنسيق ومحدودية على مستوى الممارسة المؤسساتية.

 

التقرير، الذي أنجزته جمعية سمسم - مشاركة مواطنة بشراكة مع جمعية رواد التغيير للتنمية والثقافة، تحت عنوان "النشر الاستباقي للمعلومات في المغرب: قصور النص القانوني ومحدودية الممارسة المؤسساتية"، سجل فجوة واضحة بين الأهداف الطموحة التي رافقت خطط الحكومة المنفتحة، وبين الإنجازات الفعلية التي غالبًا ما اقتصرت على بناء الأسس وتعزيز القدرات فقط.

 

وأشار معدّ التقرير، الباحث إسماعيل السوق، إلى أن تقييمات آلية التقارير المستقلة (IRM) التابعة لشراكة الحكومة المنفتحة، أبرزت محدودية تنفيذ العديد من الالتزامات، خاصة في خطة العمل الوطنية الأولى، حيث لم يتحقق الالتزام المتعلق بإطلاق بوابة للنزاهة رغم بعض الخطوات الأولية من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.

 

كما أورد التقرير أن تنفيذ آلية شفافية الدعم العمومي الموجه لجمعيات المجتمع المدني عبر بوابة "شراكة" عرف بدوره تعثرات كبيرة.

 

أما بخصوص خطة العمل الوطنية الثانية، فقد تراجعت مستويات الإنجاز مقارنة بالخطة الأولى، وهو ما أرجعه التقرير إلى إدراج سبعة التزامات برلمانية متأخرة، إضافة إلى تراجع أولوية بعض الإصلاحات بسبب انتخابات 2021.

 

وفي نفس السياق، نبه التقرير إلى محدودية تحقيق الالتزام المتعلق بتعزيز الشفافية المالية، مشيرًا إلى تراجع المغرب بنقطة واحدة في مؤشر الميزانية المفتوحة بين عامي 2021 و2023، بسبب تأخر في نشر تقارير المراجعة. كما سجل التقرير قصورًا في تنفيذ التزامات تتعلق بالشفافية في تدبير القطاع الصحي.

 

ورغم هذا الأداء المتواضع، يرى التقرير أن هناك فرصًا واعدة يمكن استثمارها، مثل مراجعة القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، والاستراتيجية الوطنية "المغرب الرقمي 2030"، والاستمرار في الانخراط في مبادرة الحكومة المنفتحة.

 

كما يشير التقرير إلى أن التقدم التكنولوجي السريع يمثل فرصة مهمة لتطوير آليات فعالة وشفافة لجمع ونشر المعلومات بشكل فوري ومتاح لإعادة الاستخدام.

 

ورغم الترتيب المتواضع للمغرب دوليًا في هذا المجال، نوه التقرير ببعض التجارب المحلية الناجحة، مثل البوابة الوطنية للمعطيات المفتوحة، وموقع مجلس النواب، والمنصة الرقمية لجماعة آيت ملول، معتبرا أنها نماذج مرنة ومتكيفة مع التحديات التقنية والمؤسساتية.

 

ودعا التقرير إلى بلورة رؤية وطنية مؤسساتية واضحة المعالم حول النشر الاستباقي، تتضمن إطارًا مرجعيًا ومعايير واضحة، وآلية للتنسيق بين المؤسسات، إلى جانب دعم القدرات التقنية للمؤسسات، وتعزيز التعاون مع المجتمع المدني، خصوصًا في مجال الرقمنة والحوكمة.

 

وأكد أن إشراك الفاعلين المدنيين ضروري لترسيخ ثقافة الشفافية والمساءلة، ولضمان انتقال حقيقي نحو منظومة مؤسساتية حديثة للنشر الاستباقي للمعلومات.