أين التقشف وتدبير النفقات؟.. جماعة الرباط تطلق صفقة مراحيض 5 نجوم

أثار إعلان شركة "الرباط للتهيئة" عن طلب عروض لإنشاء 11 مرحاضاً عمومياً بكلفة إجمالية تقترب من 20 مليون درهم، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والمدنية، بسبب ما وُصف بـ"الميزانية الخيالية" للمشروع، والتي تعني أن تكلفة المرحاض الواحد تقارب 1.8 مليون درهم، أي ما يوازي ثمن شقة فاخرة في أحد أرقى أحياء العاصمة.

المعطى المالي للمشروع أعاد إلى الواجهة النقاش حول تدبير المال العام والنجاعة في الإنفاق، خاصة بعد المقارنة التي أوردها المستشار الجماعي عن فيدرالية اليسار، عمر الحياني، الذي اعتبر في تدوينة على صفحته الرسمية أن الكلفة المرصودة للمراحيض في الرباط تتجاوز بعشرة أضعاف تكلفة مراحيض مماثلة في الدار البيضاء. ففي هذه الأخيرة، أنجزت الجماعة 60 مرحاضاً بكلفة لم تتجاوز 11 مليون درهم، أي ما يعادل 185 ألف درهم للواحد فقط.

هذا التفاوت الصارخ في الأرقام فتح الباب أمام انتقادات لاذعة لطريقة تدبير مشاريع التهيئة بالعاصمة، حيث عبّر الحياني عن صدمته من حجم الميزانية المخصصة لهذا المرفق العمومي، رغم أن فيدرالية اليسار كانت من أوائل المطالبين منذ أكثر من عقد بتوفير مراحيض تليق بالكرامة الإنسانية في الرباط، خدمة للسكان والزوار على حد سواء.

وتعزز الانتقادات الموجهة إلى المشروع بكون شركة "الرباط للتهيئة"، التي تشرف على تنفيذه، لا تخضع لمراقبة المنتخبين المحليين، بل ترتبط مباشرة بالسلطة الولائية، مما يطرح علامات استفهام حول الشفافية والمسؤولية المؤسساتية في تدبير هذا النوع من المشاريع. ووفق نفس المصدر، فإن الشركة كانت تدير منذ 2014 ميزانية ضخمة قُدرت بـ9.4 مليارات درهم، دون أن تصدر إلى اليوم معطيات محينة توضح كيف تطورت هذه الميزانية أو أوجه صرفها.

واختتم الحياني تدوينته بتوجيه تساؤل حاد حول المعايير المعتمدة لتحديد هذه الكلفة، قائلاً إن "ثمن المرحاض الواحد يعادل سعر شقة فاخرة بحي الرياض"، مطالباً مسؤولي شركة الرباط للتهيئة وولاية الرباط بتقديم توضيحات للرأي العام حول دواعي هذه التكلفة المرتفعة، وما إذا كانت تبرَّر بجودة استثنائية أو تجهيزات فوق العادة، أم أنها تعكس خللاً أعمق في الحكامة وتدبير الصفقات العمومية.