تقنين الكيف بالمغرب: طموحات التنمية الكبرى تصطدم بتعقيدات الواقع المحلي

يكشف تقرير صادر عن موقع "إذاعة فرنسا" عن واقع مركب لسياسة تقنين زراعة القنب الهندي في المغرب، والتي أحدثت تحولاً جذرياً في منطقة الريف منذ إقرار قانون 13-21 سنة 2021. فبموجب هذا التشريع، الذي سمح بالزراعة لأغراض طبية وصناعية، خرجت حقول الكيف من دائرة السرية إلى الفضاء العام، معلنة عن مرحلة جديدة في تعامل الدولة مع هذا المحصول التاريخي.

وتسعى الدولة المغربية من خلال هذه السياسة الطموحة إلى تحويل نشاط غير قانوني إلى رافعة اقتصادية تساهم في التنمية وفك العزلة عن منطقة الريف. ويتم ذلك عبر منح تراخيص لمزارعين مختارين، بهدف إبعادهم عن سيطرة شبكات التهريب ودمجهم في اقتصاد قانوني ومنظم.

غير أن التقرير يصف النتائج المحققة حتى الآن بـ"المتواضعة"، إذ لم يتجاوز عدد الرخص الممنوحة عتبة 10 آلاف رخصة، مما يظهر فجوة هائلة بين الاقتصاد القانوني الناشئ والسوق السوداء التي تقدر عائداتها بمليارات اليوروهات. هذا الواقع يطرح تحديات كبيرة أمام تحقيق الأهداف المعلنة.

ويشير التحليل أيضاً إلى أن التقنين قد أفرز توترات اجتماعية غير متوقعة، حيث احتدم الصراع بين الفلاحين حول الأحقية التاريخية في هذه الزراعة. وهو ما وصفه الباحث الأنثروبولوجي خالد مونة بـ"الصراع الرمزي على الإرث"، ليتحول النقاش من مسألة تقنية إلى نزاع حول الهوية والانتماء في منطقة حساسة.

وفي خضم هذا المشهد، تتباين آراء الفلاحين؛ فبينما يعبر البعض عن ارتياحه للخروج من دائرة الملاحقة القانونية، يسود الشك لدى آخرين حول جدوى الإصلاح في غياب بنية صناعية قوية ودعم حقيقي لتحويل المحصول إلى منتج مربح ومستدام، خاصة مع استمرار حضور المسالك القديمة وشبكات التهريب في الكواليس.