تقرير إخباري| إنتفاضة الجزائر.. حراك شعبي ضد رئيس "مقعد"

بينما يتواجد رئيس الجزائر، عبد العزيز بوتفليقة، ذي الـ81 عاما، منذ الأحد الماضي،  في جنيف السويسرية، لإجراء فحوصات طبية، ارتفعت أصوات الآلاف من الشباب، في مظاهرات  سلمية، في جل المدن الرئيسية في البلاد، ضد ترشيحه للانتخابات الرئاسية القادمة، في 18 أبريل المقبل، للمرة الخامسة على التوالي.

ومن بين الهتافات التي صدحت بها حناجر “حراك بلد المليون شهيد”، على ترشح الرئيس المقعد، “جمهورية وليست ملكية”، كمطلب واضح وصريح من الشعب الجزائري لبوتفليقة، مفادها رفض الولاية الخامسة.

من مظاهرات الجزائر المطالبة بإسقاط العهدة الخامسة

وحمل بعض الطلبة توابيت مزيفة، ترمز للرئيس بوتفليقة، الذي يعاني الشيخوخة والمرض، وسمحت الشرطة الجزائرية بتنظيم معظم المسيرات في حرية تامة، رغم وقوع اشتباكات مع المتظاهرين في ساعات الأولى من بداية الحراك الجزائري في بعض شوارع الجزائر العاصمة.

وفاز بوتفليقة أول مرة، منذ 20 عاما، بالانتخابات  الرئاسية الجزائرية، كما قام بتعديل الدستور للترشح لولاية ثالثة في عام 2009، قبل أن يصاب بجلطة دماغية في عام 2013، ورغم ذلك ترشح للفترة الرابعة في عام 2014. 

ورغم أن آخر خطاب علني خرج فيه الرئيس الجزائري، كان قبل سبع سنوات، إلا أنه في 10 من فبراير الجاري، أعلن في رسالة أنه سيترشح للرئاسة مرة أخرى.

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

وفي تلك الرسالة، قال بوتفليقة، (أو من تحدث بإسمه) “تلقيت بحس عال من المسؤولية المكالمات وجهها إلي مواطنين ومواطنات، المجتمع المدني، الأحزاب السياسية، النقابات والمنظمات الجماهيرية، تطلبني أن أقدم نفسي كمرشح”.

وبالرغم من أن فحوى الرسالة، حملت مطالب المواطنيين، إلا أنه منذ أن قدم ترشيه الخامس، لم تتوقف المظاهرات ضده، والتي لم يتم تداولها أو بث أي منها على القنوات العمومية، سوى قصاصات إخبارية، نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية (رسمية)، والتي وصفته في قصاصة لها يوم أمس الثلاثاء بـ“بالرئيس المنتهية ولايته”، وهو ما اعتبره الكثير؛ سابقة إعلامية في مؤسسة يمتلكها النظام.

مظاهرات الشعب الجزائري ضد ترشح بوتفليقة الخامس

وفي يوم الجمعة الماضي، خرج عشرات الآلاف من الجزائريين، ومعظمهم من الشباب، الذين تمت تعبئتهم عبر الشبكات الاجتماعية، إلى الشوارع للاحتجاج على ترشح بوتفليقة، وهو الشيء لم يحدث قط بالجزائر منذ أن أصبح بوتفليقة رئيسا للبلاد، حيث أن الاحتجاجات ضد الولاية الرابعة، في عام 2014، بالكاد شهدت خروج مائة شخص، بالتحديد في الجزائر العاصمة.

ويوم الأحد الماضي، على الرغم من الوجود المهول للشرطة، قام مئات المواطنين بالتظاهر في وسط العاصمة الجزائر، الذين واجهتهم الشرطة والأمن، بقمع مظاهرتهم، بالاعتقالات والغاز المسيل للدموع. 

احتجاج المحامين الجزائريين

ويوم أول أمس الإثنين، قام مائة محامون جزائريون بالجلوس أمام المحكمة الكبرى بالعاصمة، تنديدا بالاعتقالات، بينما خرج يوم أمس الثلاثاء، الآلاف من الطلاب في جل المدن؛ مثل الجزائر العاصمة، قسنطينة، تيزي وزو، البويرة، بجاية، عنابة، سكيكدة، جيجل، بومرداس، أدرار وبشار، وفي بعض المدن، مثل وهران والجزائر العاصمة، خرج أيضا طلاب المدارس الثانوية إلى الشوارع، وقد أعلن يوم الجمعة القادم، يوما لتنظيم مظاهرات جديدة في جميع أنحاء البلاد.

حراك الجزائر، الذي تتقدمه فئة الشباب، يعود بالأساس إلى وجود 45 بالمائة من السكان، تحت سن 25 سنة، وقد كان الشباب هم أبرز ضحايا الأزمة الاقتصادية؛ الناجمة عن انخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة، وقد خاطر الآلاف منهم بحياتهم بالهجرة في قوارب الهجرة غير النظامية. 

وبالرغم من أن بوتفليقة، ألمح لهم في رسالة ترشيحه، قائلاً، “نحن بحاجة أكثر لتطلعات شبابنا، الذي يبقى في بعض الأحيان بعيدا عن الحياة السياسية، وبعض العناصر منه تختار اللجوء إلى المنفى”، إلا أن رسالته لم تخترق تلك الطبقة من السكان.

كما نظم يوم أمس الثلاثاء، عشرات من رفاق الصحفيين اعتصامًا أمام مقر الإذاعة الوطنية في الجزائر العاصمة، وقال أحد المشاركين في التظاهرة لوسائل الإعلام الجزائرية  “نحن لسنا مع ولا ضد الولاية الخامسة”، ويطالب الصحفيون الجزائريون الحق في تغطية جميع الأحداث بطريقة مهنية ومحايدة، كما يطلبون فتح القنوات لجميع الاتجاهات والأحزاب السياسية الموالية منها والمعارضِة.

الظلمة في منتصف النهار (1)ورثاء الدم.ورثاء الدم لم يتركوا للبلاد أي إمكانية للحياة. وكما في كل المأدبات الكبيرة،...

Posted by Waciny Laredj on Thursday, February 21, 2019

ونشر الكاتب الجزائري، واسيني الأعرج، تدوينة على صفحته الرسمية، فيسبوك، عنونها بـ“الظلمة وسط النهار”، انتقد فيها النظام الذي أسماه “ورثاء الدم”، الذين “لم يتركوا للبلاد أي إمكانية للحياة”، مشيرا إلى أن الجزائر تبدو اليوم “لوحة مبعثرة الألوان، ممزقة بعد أن اخترقتها السكاكين من كل الجهات. تبدو كأنها تعيش بالتنفس الاصطناعي؟ موت سريري لا يستطيع الأطباء حياله الكثير بعد أن أفرغت البلاد من كل شيء. يحدث هذا على مرأى العالم لدرجة السخرية المضحكة المبكية، تدكر بالضبط بالأيام الأخيرة من الاتحاد السوفياتي في لحظات التفكك الكبير، حتى الانقلاب اليائس لم يعمل إلا على تسريع الأحداث. الفرق الوحيد أن تلك البلاد الممزقة وجدت من يلملم جزئها الحي”.