في تطور قضائي حاسم، رفضت المحكمة الإدارية بالرباط بشكل قطعي التصريح بتأسيس حزب جديد يحمل اسم “الحركة الديمقراطية الشعبية”، وهو المشروع السياسي الذي خرج من رحم حزب الحركة الشعبية، وكان يستعد لدخول غمار الحياة السياسية الوطنية تحت قيادة محمد الفاضلي وعدد من المناضلين السابقين وفعاليات أكاديمية.
وجاء قرار الرفض استنادًا إلى مجموعة من الملاحظات القانونية والتنظيمية التي سجلتها المحكمة بعد إحالة الملف عليها من قبل وزارة الداخلية، أبرزها عدم استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون التنظيمي 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، وعلى رأسها غياب ما يكفي من الأعضاء المؤسسين الموزعين على ثلثي جهات المملكة، وهو شرط جوهري لقيام التنظيمات السياسية الجديدة.
كما وقفت المحكمة على غياب بنود أساسية في النظام الأساسي، مثل إجراءات الاستقالة والإقالة وتكوين لجنة الترشيحات، ما اعتُبر خللاً بنيويًا يمس جوهر التدبير الداخلي للحزب المفترض.
ومن بين الاختلالات التي رجحت كفة الرفض، وجود أسماء ضمن لائحة المؤسسين سبق لها الترشح في استحقاقات 2021 باسم أحزاب أخرى، ما يخالف مبدأ الحصرية الحزبية المنصوص عليه قانونًا، ويثير تساؤلات حول جدية المشروع واستقلاليته السياسية.
وبالرغم من أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت، بتاريخ 28 أبريل 2025، عبر الجريدة الرسمية، عن توصلها بملف تأسيس الحزب الذي يتضمن مشروع التسمية والرمز والنظام الأساسي والبرنامج الحزبي، إلا أن هذا الإيداع لا يُرتب أي أثر قانوني دون مصادقة القضاء، وهو ما لم يتحقق في هذه الحالة.
وتأتي هذه التطورات وفق ما علمته “بلبريس” في وقت كانت اللجنة التحضيرية للحزب الجديد، برئاسة أحد نقباء المحامين، تستعد لعقد المؤتمر التأسيسي أواخر شتنبر أو بداية أكتوبر المقبل، وسط ترقب لقرار المحكمة بشأن تسمية الحزب، التي أثارت بدورها اعتراضات من داخل “الحركة الشعبية” بسبب التشابه الكبير مع اسمها، واعتبرته مساسًا بهويتها التنظيمية.
فيما أوضحت مصادر قريبة من المشروع السياسي سابقا لـ “بلبريس” أن تغيير الاسم يظل وارداً في حال استمرار الطعون، مقترحة تسمية بديلة مثل “الحركة الديمقراطية” دون كلمة “الشعبية”، لتجاوز الجدل القانوني والتنظيمي القائم.
في المقابل، كان محمد الفاضلي، مؤسس الحزب المنشق، قد دافع في تصريح سابق لـ”بلبريس” عن مبادرة التأسيس، مؤكداً أنها تضم كفاءات سياسية واقتصادية من مختلف الأطياف، وأن الهدف هو المساهمة الجادة في إعادة الثقة بين الأحزاب والمواطنين من خلال تأطير مسؤول بعيد عن منطق الريع والفساد الانتخابي.
غير أن هذا المشروع السياسي تلقى أولى ضرباته في مسار التأسيس، بعد قرار المحكمة الإدارية الذي يفتح الباب أمام مراجعة شاملة للبنية التنظيمية والقانونية للحزب المقترح، و ما إذا كان القائمون عليه مصرّين على العودة مجددًا إلى ساحة العمل السياسي من بوابة المشروعية القانونية.