رهانات الدورة الربيعية.. جدل الحريات وتحدي المسألة الاجتماعية..مركز يتوقع دورة “ساخنة” للبرلمان

سلط مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة الضوء على التحديات التي تنتظر البرلمان المغربي بغرفتيه في أثناء الدورة الربيعية من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة المرتقب افتتاحها اليوم الجمعة، تتوزّع بين التشريعي، من خلال استكمال عددٍ من الأوراش القانونية المفتوحة، وبين الاجتماعي، عبر مساءلة الحكومة بما تتيحه أدوات العمل الرقابي ذات الصلة، ناهيك عن تحديات الرفع من جودة العمل البرلماني، وتعزيز انفتاح المؤسسة التشريعية على محيطها الواسع.

وتوقع المركز، في نقطة يقظة تحمل عنوان: رهانات الدورة الربيعية.. جدل الحريات وتحدي المسألة الاجتماعية، بأن يستمر النقاش العمومي بخصوص مشروع القانون الجنائي خلال الدورة الربيعية، استنادا إلى ما يعرفه المغرب في الآونة الأخيرة من سجال مجتمعي وجدل حقوقي بخصوص المقتضيات المرتقب تضمينها في مجموعة القانون الجنائي، قيد المراجعة، مؤكدا أن من شأن ذلك خلق تقطاب حاد بين المحافظين والحداثيين، خصوصا في المجالات المتّصلة بالحريات الفردية، كما هو شأن موضوع العلاقات الرضائية، والإيقاف الإرادي للحمل، وغيرها.

وأشارت نقطة اليقظة إلى أنه “إذا كان مشروع القانون الجنائي المرتقب يثير الكثير من النقاش المجتمعي، فإن ثمة نصوصا تشريعية أخرى لا تقل أهميةً، ومن المتوقع أن تُحال على مجلسي البرلمان خلال الدورة الربيعية، من قبيل مشروع قانون المسطرة الجنائية، ومشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية، ومشروع القانون المنظم للمؤسسات السجنية، والقانون المنظم للتشاور العمومي، وغيرها”.

ويرى المركز أن قيام وزارة الثقافة والشباب والتواصل بإعداد مشروع قانون يقضي بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر لغرض ملء الفراغ القانوني الحاصل على مستوى هذه المؤسسة الدستورية المهمة في باب التنظيم الذاتي للصحافيين سيُحدث نقاشا في دورة أبريل داخل الجسم الصحافي في ظل الخلاف المستمر حول الصيغة المناسِبة لإجراء الانتخابات المتعلقة بالمجلس الوطني للصحافة، سيما أنه بتاريخ 4 أبريل 2023، استنفذ المجلس ولايته الانتدابية بعد تمديدها لمدة ستة أشهر بناءً على مقتضيات المرسوم بقانون رقم 2.22.770.

ولفت المصدر ذاته إلى أن قرار المحكمة الدستورية رقم 207.23، أعاد القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، إلى نقطة البداية، وذلك لمّا صرحت في منطوق قراراها بأن الإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي المذكور غير مطابقة للدستور، بعلة أن المجلس الوزاري لم يتداول في مشروع النص ولم يتخذ قرارا بشأنه، بل اقتصرَ الأمر على تقديم معطيات بشأن النص المعروض فقط؛ متوقعا أن تشكل الدورة الربيعية مناسبةً لتصويت مجلسي البرلمان على هذا النص المهم في مجال الحقوق والحريات، في حالة ما إذا تداول في شأنه مجلس وزاري.

وبخصوص المسألة الاجتماعية، أكد مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة أنها أضحت مطروحة بقوة على الأجندة السياسية للفاعل البرلماني بسبب الارتفاع المسجل على مستوى أسعار المواد الأساسية، وتشكّي المواطنات والمواطنين من غلاء المعيشة، مبرزا أن الدورة الربيعية ستكون دورة القضايا الاجتماعية أيضا، من خلال إعمال أعضاء مجلسي البرلمان رقابتهم على العمل الحكومي في القضايا ذات الشأن الاجتماعي بالغة الحساسية.

وفي السياق ذاته، شدد المركز على أن إصلاح قطاع الصحة يعد بدوره إحدى الأولويات المطروحة على أجندة الفاعل العمومي، ما سيجعل من أولويات الدورة الربيعية التسريع بالتصويت على مشاريع القوانين الخمسة المرتبطة بالقانون – الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، التي من شأنها تأهيل القطاع الصحي، وتمكين المواطنات والمواطنين من خدمات صحية تحفظ لهم حقهم الدستوري في العلاج.

ويرتقب المركز أن تشكل الدورة الربيعية جولةً جديدةً من جولات الخلاف المستدام بين الحكومة وأعضاء مجلسي البرلمان حول التجاوب مع مقترحات القوانين، التي شكّلت موضوعَ سجالات مستمرة بين الحكومة وأعضاء مجلسي البرلمان، بدعوى انفراد الحكومة بالتشريع وعدم تجاوبها مع مبادرات أعضاء المجلسين، وغلبة مشاريع القوانين ذات الأصل الحكومي على مقترحات القوانين ذات الأصل البرلماني، مشيرا إلى أن الحكومة تتسمك بأن الدستور يضمن لأعضاء البرلمان حق التقدم باقتراح القوانين، وأنه لا يوجد في الدستور ولا في النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان ما يمنع أعضاء المجلسين من مواصلة المسطرة التشريعية بغض النظر عن رأي الحكومة في الموضوع، سلباً أو إيجاباً، فضلا عن أن الحكومة تدفع بكونها حريصة على عقد اجتماع نهاية كل شهر للتداول في مقترحات القوانين وإبداء الرأي بشأنها.

وشدد المركز على أن قرار المحكمة الدستورية رقم 209.23 م.د الذي قضت فيه بعدم مطابقة المواد: 28 و86 و136 و258 و313 (الفقرة الأخيرة) و316 و321 (الفقرتان الأولى والثانية) من النظامين الداخليين لمجلس النواب، غير مطابقة للدستور سيجعل مراجعة النظام الداخلي للغرفة الأولى بالبرلمان من جديد موضوعا على رأس جدول أعمال الدوري الربيعية، سيما أن قرار المحكمة لا يقبل أي طريق من طرق الطعن، وملزم لكل السلطات العامة، ولجميع الجهات الإدارية والقضائية.

وأوصى فريق البحث في الشؤون البرلمانية بمركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة بالتسريع بإحالة مشروع القانون الجنائي في صيغته المعدَّلة على مجلس النواب ليستوفيَّ حقه من النقاش من قِبل أعضاء مجلس البرلمان، والتسريع باستكمال مسطرة التصويت على مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، ترتيباً لقرار المحكمة الدستورية.

ودعا إلى جعل البرلمان، بمجلسيه، مُعبّراً حقيقياً عن أصوات الناخبين، وصدىً لانشغالاتهم اليومية، من منطلق أن السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة مباشرة عن طريق ممثليها، بصريح أحكام الفقرة الأولى من الفصل الثاني من الدستور، وجعل البرلمان أكثر انفتاحا على مبادرات وأنشطة منظمات المجتمع المدني، وإشراكهم في التداول حول قضايا الشأن العام.