ترانسبرنسي: بلادنا سجلت تراجعا في مؤشر إدراك الفساد

قالت "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها"، إن بلادنا سجلت تراجعا في مؤشر إدراك الفساد، داعية في تقريرها السنوي لعام 2020، والصادر مؤخرا، إلى ضرورة الانخراط في مرحلة جديدة لمكافحة الفساد، من أجل خلق دينامية مهمة في خدمة تنمية قوية وشاملة ومستدامة.
ولأن التقرير سجل تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد من المرتبة 80 عام 2019 إلى 86 عام 2020، فقد عبرت منظمة ترانسبرانسي المغرب في تفاعلها مع هذا الموضوع، عن تخوفها وقلقها من تأثير سحب الحكومة للتعديلات المتعلقة بالقانون الجنائي، والمتضمنة لمواد تجرم الإثراء غير المشروع، على مطلب محاربة الفساد ومدى وجود نية هذا الأمر لدى الحكومة الحالية.
وأوضح سمير بوزيد، نائب رئيس المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، في تصريح صحفي، أن "المنظمة تابعت بقلق كبير سحب مشروع القانون الجنائي 10.16، ذلك المشروع الذي جاء استجابة للمطالب والتوصيات الوجيهة للحركة الحقوقية الوطنية والدولية، إذ أصدرت العديد من التقارير التي حثت على تحديث وتطوير المنظومة الجنائية".
من جانبه، أكد علي الصدقي، عضو جمعية "ترانسبرنسي المغرب، أن "تجريم الإثراء غير المشروع أضحى ضرورة ملحة، إذ لم يعد من المقبول في بلد يتفشى فيه الفساد وتبذير المال العام بشكل مزمن ونسقي، أن يظل الاغتناء غير المشروع للموظفين وباقي المؤتمنين على تدبير الشأن العام من دون ردع جنائي"، مشدداً على ضرورة اقتران جميع العقوبات الجنائية بمصادرة الممتلكات المكتسبة بصفة غير شرعية، وذلك بهدف تأكيد الإرادة على توطيد النزاهة في تدبير الشأن العام وسيادة القانون.

ويوضح الصدقي أن سحب الحكومة المغربية مشروع القانون الجنائي من مجلس النواب، قد يثير عدة مخاوف باعتبار أن اختلاس المال العام، وعدم تفعيل مبدأ المساءلة والإفلات من العقاب، هو ما يؤدي إلى فقدان مصداقية المؤسسات وقدرتها على الضبط والتنظيم واستفحال آفة الفساد، ويرسم معالم مغرب يُعاني رشوة نسقية ومعمَّمة.
وأكد الصدقي وجود تراجع لمرتبة المملكة في مؤشرات عدة متعلقة بالحكامة، معتبراً أن الفساد ذو طابع نسقي ومزمن بالمغرب، وأن المواطن بشكل عام والمقاول والمستثمر الأجنبي لا يلمسون ترجمة فعلية للخطاب السياسي الذي يدين الفساد ويعد بمحاربته، وذلك على الرغم من القوانين التي يتم بلورتها أو الهيئات التي يتم إقرارها والالتزامات الدولية التي قطعها البلد على نفسه.

وأشار إلى أن "ذلك يرجع بالتأكيد إلى غياب إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد ببلادنا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يردف المتحدث ذاته، انقضت الآن ما يزيد على خمس سنوات على تبني الحكومة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في المغرب، وكان من المفترض، بعد كل هذه المدة، أن نكون قد حققنا تقدماً ملموساً في تنزيل مقتضياتها وتفعيل نحو 200 مشروع وإجراء في إطار برامجها العشرة".

وأوضح الصديق أن تلك الاستراتيجية ما زالت بعيدة من التفعيل بسبب ضعف الانخراط العملي للوزراء والمسؤولين الكبار في الإدارات، ما عدا بعض الاستثناءات، وبسبب شبه غياب لاجتماعات اللجنة الوطنية المخول لها متابعة الاستراتيجية، وعدم تجريم الإثراء غير المشروع، الذي يعتبر أحد الأسباب الرئيسة في تبذير المال العام. مضيفاً أن هناك أيضاً غياباً لقانون يجرم حالات تضارب المصالح التي يتم رصدها بشكل يومي، لا سيما في الصفقات العمومية، إضافة إلى عدم توفير حماية فعالة للمبلغين عن الفساد.