وسط استنفار كبير تعيشه مدينة الدار البيضاء ترقبا لزيارة ملكية وشيكة. تعرف الطريق السيار بين الرباط والدار اليضاء في هذه الأثناء حركة غير عادية في انتظار مرور موكب الملك محمد السادس الذي سيحل بالمدينة الاقتصادية اليوم.
وكثفت مصالح ولاية جهة البيضاء-سطات وولاية الأمن ومديريات الجماعات الترابية والقطاعات الوزارية ومختلف الأجهزة الأخرى، اجتماعاته، لوضع اللمسات الأخيرة على ترتيبات الزيارة الملكية .
ودعا سعيد أحميدوش، والي الجهة، إلى لقاءات للتنسيق منذ عدة أيام، حضرها عمال المقاطعات بالبيضاء، وبعض عمال العمالات والأقاليم بالجهة التي من المقرر أن ينظم الملك زيارات لبعض مناطقها، كما حضر الاجتماعات بمقر الولاية، رؤساء الجماعات الترابية (الجماعة، والجهة، والعمالة)، أو من يمثلهم، لمراجعة وتدقيق الترتيبات الخاصة بمشاريع وبرامج.
وكشفت مصادر محلية، انه بالموازاة، أطلقت السلطات العمومية حملة للتزيين والصباغة والتشجير وترميم الأرصفة وإصلاح الطرق في المسارات التي يحتمل أن يمر منها الموكب الملكي خلال مكوث الملك في المدينة.
وعاينت بلبريس العمال العرضيين وعمال الإنعاش وعمال الشركات في ساعات متأخرة من الليل وفي ساعات الصباح، منهمكين في صباغة الأرصفة، ووضع فسائل الأشجار، كما عبأ رجال السلطة والجماعة والمقاطعات شاحنات ومعدات للغرض نفسه.
وحافظت السلطات حسب يومية الصباح، على العادة السيئة نفسها في الإعداد لهذا الجزء من الزيارة، من خلال تحريك الهواتف والاتصال بمنعشين ومستثمرين وأصحاب شركات وترديد عبارة “دير شي بركة حتى من بعد”، في وقت يفترض أن ترصد ميزانيات وبرامج بشكل منتظم للزيارات الملكية لا مجال فيها للخطأ، أو الصدفة والترقيع.
ولم تحدد، بشكل نهائي، لائحة المشاريع التي سيشرف جلالة الملك على تدشينها، أو إطلاقها بالبيضاء وضواحيها، وإن كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق في بعض المناطق، مثل حي المستشفيات، إذ من المقرر أن يدشن الملك مركز المستعجلات الجديد بابن رشد، كما وصل وزير الصحة إلى البيضاء، وأشرف على اجتماعات مع أطره في المديرية الجهوية للغرض نفسه.
وشوهدت استعدادات أخرى بمنطقة ليساسفة بالحي الحسني، وقرب ميناء البيضاء، ثم الطرق المؤدية إلى حي الرحمة، إذ قد يشرف الملك على تدشين مؤسسات صحية، علما أن واحدة منها (مستشفى القرب) انطلق العمل فيها منذ أشهر.
ويضع مسؤولو البيضاء أياديهم على قلوبهم، خوفا من ارتكاب أخطاء في البروتوكول، واحتمال أن يتسبب ذلك في غضبة ملكية، كما وقع لمناسبات سابقة، فيما يتحسس آخرون رؤوسهم، بسبب الحالة التي أضحت عليها المدينة وتعثر مشاريع التنمية، خصوصا المشاريع المدرجة في مخطط التنمية 2015-2022 التي أشرف الملك على مراسيم توقيع اتفاقياته في 2014 بالقصر الملكي.
وتأتي هذه الزيارة بعد 10 سنوات من الخطاب الملكي حول البيضاء (أكتوبر 2013)، إذ وجه جلالة الملك انتقادات إلى طرق التدبير وضعف الحكامة، وقارن وضعية البيضاء بمدن أخرى تتوفر على إمكانيات أقل، كما دعا إلى العمل من أجل تجاوز هذه الاختلالات وتحسين الولوج إلى البنيات التحتية وتوفير المرافق العمومية وتجويد إطار عيش السكان.
ورغم مرور عشر سنوات على الخطاب الملكي، وثماني سنوات على انطلاق تنفيذ مخطط التنمية (33.6 مليار درهم)، مازال الوضع كما هو عليه تقريبا، إذ ازدادت المدينة اختناقا، بسبب فوضى المشاريع والأوراش المفتوحة في كل مكان، وساءت الأمور كثيرا في مداخل المدينة، وتفاقم العجز في العدالة المجالية، بين مناطق تتوفر على حد معقول من التنمية، ومناطق أخرى تعيش في العصور الوسطى.
ويشكل تقدم الأشغال الكبرى لمشاريع واتفاقيات مخطط التنمية، امتحانا حقيقيا للمسؤولين أمام الملك، الذي سيقوم بجولات تفقدية للوقوق على الحصيلة الحقيقية بنفسه.