يُعيد مشروع القانون الإطار رقم 59.24 المتعلق بمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، رسم ملامح الجامعة المغربية من خلال رؤية إصلاحية تضع التخطيط الاستراتيجي والجودة والإنصاف في صلب المنظومة الجديدة.
ففي الجانب التنظيمي، نصّ المشروع على إعداد مخطط مديري للتعليم العالي يهدف إلى مواكبة تطور التعليم الجامعي واستشراف حاجياته المستقبلية، وفق مقاربة تقوم على العدالة المجالية والتوازن الجغرافي في توزيع الخدمات والفرص، بما يضمن تكافؤًا حقيقيًا بين الجهات، كما أقرّ وضع استراتيجية وطنية للبحث العلمي والتقني والابتكار تُحدّث بصفة منتظمة لتحديد الأولويات الوطنية في هذا المجال الحيوي.
ومن بين أبرز المستجدات، فتح المشروع الباب أمام أصناف جديدة من مؤسسات التعليم العالي، منها المؤسسات غير الربحية ذات النفع العام، والمُحدثة بشراكات بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى المؤسسات الرقمية التي تعتمد التكوين عن بعد عبر منصات تعليمية مخصصة، والفروع الأجنبية للمؤسسات الدولية المرخص لها بالعمل في المغرب، بما يعكس انفتاح المنظومة على العالم الرقمي والتعاون الأكاديمي الدولي.
كما نص المشروع على إمكانية إحداث أقطاب جامعية تضم عدداً من الجامعات والمؤسسات العمومية، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، وتُحدّد مهامها واتفاقياتها وفق ضوابط دقيقة تشمل التسيير، والمراقبة، وتحديد الأهداف والالتزامات المشتركة.
أما في ما يخص مسطرة إحداث المؤسسات الجديدة، فتخضع لمعايير دقيقة تراعي الحاجيات الجهوية والوطنية، وتستند إلى دراسات تقنية حول الأولوية والكلفة والأثر، مع ضرورة انسجام المشروع مع المخطط المديري للتعليم العالي والاستراتيجية الوطنية للبحث والابتكار.
وفي باب الترخيص، يُلزم المشروع المؤسسات الخاصة بتوفير بنيات وتجهيزات ملائمة، وهيئة تدريس مؤهلة أغلب أعضائها من حملة الدكتوراه، إضافة إلى مسالك تكوين معتمدة وضمانات تشغيل مهنية واضحة، مع خضوعها لتجديد الترخيص وفق نفس المعايير.
كما أولى القانون أهمية لآليات المراقبة، إذ تخضع مؤسسات التعليم العالي العمومية والخاصة لمراقبة بيداغوجية وإدارية منتظمة تشرف عليها السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي، تشمل مدى احترام المعايير التربوية والتقنية، وجودة الموارد البشرية والتجهيزات، وظروف التكوين، ضمانًا لمستوى أكاديمي يوازي المعايير الدولية.