قدّم مشروع القانون الإطار رقم 59.24 المتعلق بمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، تصوراً جديداً لحكامة الجامعات من خلال إحداث مجلس الأمناء باعتباره هيئة استراتيجية تُعنى بالقضايا الاستراتيجية وتسهر بالخصوص على انسجام مشروع الجامعة مع السياسات العمومية.
وتنص المادة 42 من المشروع على أن مجلس الأمناء يتألف، إلى جانب رئيسه، من ممثلين عن السلطات الحكومية المكلفة بالتعليم العالي، والتربية الوطنية، والمالية، والتشغيل والكفاءات، إضافة إلى الأمناء الدائمين لأكاديمية المملكة المغربية وأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، ووالي الجهة التي يوجد بها مقر الجامعة أو من يمثله، ورؤساء المجالس الجهوية المتواجدة في النفوذ الترابي للجامعة.
كما يضم المجلس رؤساء الجامعات التابعة للجهة، وشخصيتين من المحيط الاقتصادي والاجتماعي يتم تعيينهما من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي باقتراح من رئيس المجلس، وشخصيتين مشهود لهما بالكفاءة والخبرة في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي داخل المملكة أو خارجها، يتم تعيينهما بالطريقة ذاتها. ويُضاف إلى تركيبة المجلس أستاذ للتعليم العالي يُنتخب من بين الأساتذة الباحثين، وممثل من الأطر الإدارية والتقنية يُنتخب هو الآخر من داخل الفئة المهنية نفسها.
أما المادة 43، فقد نصت على أن رئاسة مجلس الأمناء تُسند إلى شخصية مشهود لها بالكفاءة العلمية وبالخبرة في مجال التدبير العمومي، يتم تعيينها بمرسوم باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي، لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرتين.
وحددت المادة 44 طريقة اشتغال المجلس، إذ يجتمع مرتين في السنة على الأقل بدعوة من رئيسه، وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، ويتم توجيه الدعوة إلى الأعضاء قبل خمسة عشر يوماً من تاريخ الانعقاد مرفقة بجدول الأعمال وبالوثائق الضرورية، ويُشترط لصحة مداولات المجلس حضور نصف أعضائه على الأقل، وفي حال تعذر بلوغ النصاب تُعقد دورة ثانية بعد سبعة أيام على الأقل بحضور من حضر، وتصدر الآراء بأغلبية الأصوات، وإذا تعادلت يُرجّح صوت الرئيس، كما يمكن دعوة المجلس للانعقاد بصفة استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
ونصت المادة 46 على أن مجلس الأمناء يضطلع بمهمة تنسيق الجهود الرامية إلى تطوير الجامعة على الصعيد الجهوي في انسجام تام مع السياسات العمومية في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، مع المساهمة في بلورة استراتيجية تنمية الجامعة وتثمين تراثها العلمي والثقافي، وضمان ملاءمة عروض التكوين والبحث مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وأسندت إليه مجموعة من الصلاحيات، من أبرزها إبداء الرأي في مشروع الاستراتيجية الجهوية لتطوير الجامعة قبل المصادقة عليها من طرف مجلس الجامعة، وتقييم حصيلة منجزات الجامعة عن السنة المنصرمة، وإبداء الرأي في برنامج عملها السنوي، وتتبع تنفيذ العقود والبرامج المبرمة مع الدولة أو الجهات، وإبداء الرأي في مشاريع إحداث الأقطاب الجامعية أو الانضمام إليها، وفي كل ما يتعلق بإحداث أو تغيير أو حذف مؤسسة جامعية أو فروع لها سواء داخل المغرب أو خارجه، إلى جانب تتبع تنفيذ التوصيات الصادرة عن تقارير التقييم المؤسسي.
من خلال هذه المقتضيات، يُعتبر مجلس الأمناء آلية مركزية جديدة في هندسة حكامة التعليم العالي، تروم تكريس استقلالية الجامعات وربطها بمحيطها الترابي والاقتصادي، ضمن مقاربة تشاركية تجمع بين المساءلة والنجاعة، وتعزز مبادئ الشفافية وجودة الأداء.