تعيش مدينة القليعة اليوم أجواء هادئة، بعدما عاشت ليلة استثنائية إثر محاولة اقتحام مقر الدرك الملكي من طرف مجموعة وُصفت بالمحتجين المندسين. الحادث الخطير، الذي كان يهدف – وفق ما أكدته مصادر محلية – إلى الاستيلاء على السلاح والذخيرة، أعاد إلى الواجهة النقاش حول سلمية الاحتجاجات وحدودها، وحول الخطوط الحمراء المرتبطة بأمن الوطن واستقراره.
محاولة اقتحام مدروسة
وأفادت المعطيات المتوفرة أن مجموعة صغيرة تسللت من وسط المتظاهرين، في خطة وصفت بـ”المحبوكة”، محاوِلة استفزاز رجال الدرك واقتحام المقر. غير أن مقاومة العناصر الأمنية، وتحذيراتها المتكررة، حالت دون تنفيذ هذا المخطط. وبعد إصرار المقتحمين على استخدام العنف، اضطر رجال الدرك إلى اللجوء إلى السلاح الوظيفي، في تدخل وصف بالقانوني والضروري لحماية أنفسهم وسلامة المدينة.
سيناريو كارثي أُفشل
المراقبون المحليون يتساءلون: ماذا لو نجح المقتحمون في الاستيلاء على السلاح والذخيرة؟ المؤكد، حسب تقديراتهم، أن المدينة كانت ستواجه “مجزرة حقيقية”، ليس في حق عناصر الدرك فقط، بل في حق ساكنة القليعة بأكملها. ويرى هؤلاء أن الهجوم لم يكن يستهدف مقر الدرك فحسب، بل كان يهدف إلى تحويل المدينة الهادئة إلى “منطقة رهينة” تحت رحمة الخارجين عن القانون.
من احتجاجات سلمية إلى أعمال بلطجة
في الوقت الذي تمر فيه الاحتجاجات النهارية بشكل عادي، تبرز مخاوف من استغلال أجواء الليل من طرف عناصر وصفت بـ”البلطجية وأصحاب السوابق”، لتحويل المطالب الاجتماعية إلى أعمال شغب وعنف. وتؤكد أصوات مدنية أن ما وقع في القليعة يطرح علامات استفهام حول شعارات “سلمية سلمية”، بعد أن انقلبت إلى محاولات اعتداء على مؤسسات أمنية حساسة.
الدرك في موقع الدفاع المشروع
كثيرون يرون أن عناصر الدرك لم يدافعوا عن أنفسهم فقط، بل جنّبوا المدينة يوما دمويا كان قد يعصف بأرواح وممتلكات بريئة. وهو ما جعل المواطنين، صباح اليوم الجمعة، يعبرون عن ارتياحهم لما وصفوه بـ”التدخل الشجاع” الذي حافظ على أمن المدينة.
دعوات للحزم واحترام القانون
أحداث القليعة، التي سبقتها اعتداءات مماثلة في انزكان، فتحت النقاش من جديد حول ضرورة الجمع بين احترام الحق في الاحتجاج السلمي من جهة، وصرامة التعامل مع كل من يحاول المساس بالأمن والاستقرار من جهة أخرى.
ويرى متابعون أن “الأمن الوطني، والدرك الملكي، والقوات المساعدة، والجيش” يشكلون الضمانة الأساسية لاستمرار الاستقرار في المغرب، مؤكدين أن المساس بهذه المؤسسات أو محاولة جرّها إلى الفوضى يُعتبر خطا أحمر لن يقبل به المغاربة.
يؤكد سكان القليعة اليوم، في أحاديث جانبية، أن المدينة استعادت هدوءها المعتاد، وأن “التدخل القانوني” لعناصر الدرك حال دون كارثة كانت على وشك الوقوع. وبينما يتشبث المواطنون بحقهم في التعبير السلمي، يطالبون في الوقت ذاته بالحزم مع كل من يحاول تحويل الاحتجاجات إلى أعمال عنف وتهديد مباشر لأمن الوطن والمواطنين.