اتفقت فرق أحزاب الأغلبية على دعم مشروع قانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، الذي جاء به وزير العدل عبد اللطيف وهبي والذي قوبل بانتقادات واسعة من قبل هيئات قضائية وجمعيات المحامين وقالوا عنه أنه “ينطوي على تراجعات ومساس خطير بحقوق المتقاضين وبالمكتسبات الدستورية والحقوقية وبالأمن القانوني والأمن القضائي”.
الأغلبية البرلمانية تصطف خلف وهبي وتدعم صلابة مشروع المسطرة المدنية
حسين بن طيب، عضو فريق التجمع الوطني للأحرار، أعرب في كلمة له صباح اليوم أثناء الجلسة العامة المخصصة للدراسة والتصويت على مشروع قانون رقم 02.23 يتعلق بالـمسطرة الـمدنية، عن قناعته بأن النقاشات التي رافقت المشروع كانت" طبيعية وصحية بالنظر إلى أهمية المشروع في الترسانة القانونية المغربية".
ورغم ذلك، انتقد بن طيب ما وصفه بـ"غلبة لغة الشعارات" على التحليل القانوني الرصين، مشيرًا إلى أن العديد من المواقف كانت تقتصر على "الشعارات" وليس على "تقييم موضوعي للمشروع".
بن طيب لفت إلى أن بعض النقاشات تميزت بمنطق الانتقاء، حيث تم عزل بعض مواد المشروع عن فلسفة النص ومبررات التشريع، مما أثر على جودة النقاش، مؤكدا أن مناقشة اليوم تشكل فرصة لتصويت إيجابي لصالح النص، وأن مشروع المسطرة المدنية يستند إلى فلسفة أساسية تهدف إلى ضمان حماية حقوق المتقاضين.
- وهبي: المشروع يتألف من 644 مادة ويقدم مقتضيات هامة تستجيب لتطلعات المجتمع في مجال العدالة.
وأشار بن طيب الذي كان يتحدث مباشرة بعد تقديم وهبي ،على أن المشروع، الذي يتألف من 644 مادة، يقدم مقتضيات هامة تستجيب لتطلعات المجتمع في مجال العدالة، ويعكس الالتزام بتنزيل مقتضيات الدستور وتفعيل الخطب الملكية السامية، فضلاً عن مواءمة التشريع الوطني مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية.
وانطلاقا من ذلك، يضيف بن طيب، أنه وفي إطار تمرين ديمقراطي فإن فريق التجمع الوطني للأحرار وخلال هذه الجلسة الدستورية سيقدم عناصر دفاعه عن مشروع قانون المسطرة المدنية من كونه مشروع لا يخالف المقتضيات الدستور ويتلاءم مع معايير حقوق الإنسان وحريص على عدالة إجرائية مدنية تضمن المحاكمة العادلة.
بدوره أكد سعيد أتغلاست، عضو فريق الأصالة والمعاصرة، على أهمية مشروع قانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، مشيراً إلى أنه يعد أحد النصوص التشريعية الأساسية التي تنظم العمل القضائي في المغرب.
وقال أتغلاست إن هذا المشروع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحقوق المنصوص عليها في دستور المملكة، وبالأخص الحق في التقاضي المنصوص عليه في الفصل 118 من الدستورن لافتا بأن دراسة هذا المشروع لا يمكن فصلها عن الأوراش الكبرى التي يشهدها قطاع العدل، بما في ذلك التشريع، تأهيل البنية التحتية القضائية، ورقمنة العمل القضائي.
وأوضح أن مشروع قانون المسطرة المدنية يعالج مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بالتقاضي، مثل الحاجة إلى تعزيز المحاكم بالأطر والموارد البشرية المتخصصة، ومعالجة مشاكل التبليغ وتأخير البت في الملفات.
كما أشار المتحدث ذاته إلى أن التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة لسنة 2022 يبرز ضعف عدد القضاة، حيث يوجد 3 قضاة فقط لكل 100 ألف نسمة في المغرب، وهو رقم يعتبر منخفضاً جداً مقارنة بالحاجة الفعلية. وأضاف أن عدد القضايا المسجلة في عام 2022 قد بلغ نحو 4.5 مليون قضية، مما أدى إلى تراكم الملفات وتأخر في تنفيذ الأحكام القضائية، وهو ما يؤثر سلباً على حماية الأمن القانوني للمواطنين.
وأكد أتغلاست على أن التشريعات تعتبر عصب السياسات العمومية، ولا يمكن تصور تطبيق السياسات دون قوانين تساندها وتؤطرها. وأضاف أن التصويت على مشروع قانون المسطرة المدنية اليوم يعزز الترسانة القانونية للمملكة، ويعكس جهود السلطة الحكومية المكلفة بالعدل في تطوير النظام القضائي وتحسين فعاليته.
ومن جهتها شددت فاطمة بن عزة، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، على أن مشروع القانون “يترجم البعد الدستوري”، خصوصا على مستوى “المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع وغيرها من الأحكام والتوجهات الدستورية روحا ومضمونا”، معتبرة أنه “يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها بلادنا ويستحضر خصوصية المجتمع المغربي وقيمه التي عرفتها البلاد، حتى تكون الأدوات القانونية في خدمة المواطن والحفاظ على حقوقه ومصالحه وحمايتها”.
وأوضحت المتحدثة ذاتها أن المشروع “يساير تطور التشريع الدولي الخاص في القضاء المدني”، ويأتي “في إطار استكمال ورش إصلاح منظومة العدالة كما أراده الملك، ليكون إصلاحا عميقا وجوهريا في صدارة الأوراش الإصلاحية الكبرى؛ إيمانا منه بأن العدل هو قوام دولة الحق والمؤسسات، وسيادة القانون وتحفيز الاستثمار والتنمية، بما يضمن الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة”.
ولفتت بن عزة إلى أن “التشريع يسعى إلى الرفع من جودة الأحكام والخدمات القضائية وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات وتنفيذ الأحكام”، مسجلة أنه يأتي كذلك “انسجاما مع مضامين البرنامج الحكومي الذي من خلاله التزمت الحكومة باستكمال ورش إصلاح منظومة العدالة على درب توطيد دولة القانون وضمان قضاء مستقل عادل وضامن لمناخ أعمال إيجابي وجذاب، خاصة في ما يتعلق بتعديل قانون المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية وتعديل القانون الجنائي”.
وتحدثت البرلمانية عن دور المشروع في “تحقيق الأمن القضائي”، الذي يعتبر “أحد الأهداف الرئيسية لإصلاح منظومة العدالة، بما يشكله من دعامة أساسية لتعزيز مناخ الأعمال، خاصة بالنسبة للقضاء التجاري الذي يشكل محددا بالغ الأثر على مستوى الاستثمار وعاملا أساسيا لتقييم المخاطر من طرف المستثمرين المغاربة والأجانب”، منبهة إلى “تعزيز مسطرة التحكيم والوساطة ودعم ومواكبة المساطر التقليدية”.