الحرب بين إسرائ-يل وفلس-طين بعيون روسية صينية: جرح عالمي مازال ينزف

بعد أن فشل مجلس الأمن في اعتماد قرار يقضي بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية المستمرة، كانت قد تقدمت به روسيا أمام المجلس، وصوتت لصالحه خمس دول بينهم الصين كعضو دائم، والإمارات والغابون وموزامبيق باعتبارهم أعضاء غير دائمين، بينما رفضت 4 دول أخرى شملت فرنسا واليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فيما امتنع الستة الباقون عن التصويت؛ الأمر الذي  أعاد إلى الأذهان ذلك التكتل التقليدي بين الشرق والغرب، والذي ظهر فيه الغرب كالمعتاد،  غير مكترث بالوضع الإنساني الذي يعيشه الفلسطينيون المنكوبون العزل من المدنيين، في ظل انعدام التوازن في القوة، بعد أن أصبحوا أهدافا عسكرية في مرمى الإسرائيليين، ضمن العمليات الانتقامية للجيش الإسرائيلي جراء "طوفان الأقصى".

ومع استمرار سقوط ضحايا من المدنيين، ودخول الصراع في نفق مسدود مجهول العواقب، جراء إحجام الغرب عن وضع حد عادل لهذا الصراع، دون تقويم المسار التفاوضي للتسوية السياسية، الأمر الذي يظهر ازدواجية المعايير الإنسانية عند الغرب، بل ومناصرة إسرائيل تحت دريعة الحرب على الإرهاب، متجاهلين قضية شعب فلسطين  الأعزل، والقرارات الأممية التي تمنحه الحق في إقامة دولته؛ وفي ظل الموقف الغربي  يتساءل الكثيرون عن موقف "روسيا" و"الصين" كوريثين لـ "الشرق" الغريم التقليدي للغرب، والذين دائما ما تجدهما متكتلين في الزاوية المخالفة لكل مسار غربي، فكيف تنظر روسيا والصين للحرب القائمة بين إسرائيل وفلسطين؟

الصين "لا يمكن أن تحصل إسرائيل على أمن دائم بدون دولة فلسطين"

وصف وزير الخارجية الصيني الوضع الفلسطيني الإسرائيلي بالخطير، والذي اصفر عن قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية؛ معبرا عن رفضه مخالفة القانون الدولي من أي جهة كانت من كلا أطراف الحرب.

ودعت الخارجية الصينية إلى تفادي توسيع نطاق الحرب العابرة للحدود، وضرورة وقف إطلاق النار من جهة؛ ومن جهة ثانية أكدت على ضرورة بذل الجهود من أجل فتح ممر إغاثة إنساني، وضمان سلامة المدنيين، مشيرا إلى ضرورة ضبط النفس من قبل الدول المعنية، والدفع بتخفيف حدة التوتر، تجنبا لأي صدمة أمنية إقليمية ودولية، وتجنبا للكوارث الإنسانية.

وأكدت الصين في شخص وزير خارجيتها على تمسك الصين بالموضوعية والعدالة، ملحا بضرورة قيام الأمم المتحدة بدورها من أجل وضع حل لقضية فلسطين، والتي تقع المسؤولية فيها بشكل كبيرة على مجلس الأمن، والدفع بتوافقات دولية سريعة وملموسة من أجل التوصل إلى حل.

وأضاف وزير الخارجية أن القضية الفلسطينية جوهر قضية الشرق الأوسط، وتشكل جرحا عالميا ظل ومازال ينزف، نظرا لانعدام إرادة في الأفق تتطلع لقيام دولة فلسطينية مستقلة، وغياب الرغبة في تصحيح الظلم التاريخي الذي تعاني منه فلسطين، لأكثر من قرن بشكل عابر للأجيال السابقة واللاحقة؛ مشيرا إلى ضرورة حل الدولتين كحل وحيد لتحقيق السلم والتعايش.

وأوضح وزير الخارجية الصيني أن قيام دولة إسرائيل، جاء للم الأمة اليهودية من التشرد وضمان بقاء الشعب الإسرائيلي؛ لكن دون مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني وتشريدهم عن ديارهم، متسائلا: "إلى متى سيبقى الشعب الفلسطيني مشرد ويعاني من مختلف أنواع الظلم لما يزيد عن نصف قرن عبر الأجيال؟

وفي ختام تصريح وزير الخارجية الصيني قال، إن إسرائيل لا يمكن أن تحصل على أمن دائم أو تستشرف تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ما دمت ترفض القبول بدولة فلسطين، وأن "حل الدولتين" هو السبيل لتحقيق السلام والتعايش بين العرب واليهود؛ وفي هذا الصدد، أعلن وزير الخارجية الصيني عن عزم الحكومة إرسال مبعوث صيني معني بقضايا الشرق الأوسط، في زيارة للدول المعنية للدفع بوقف إطلاق النار، كما دعت الصين إلى عقد مؤتمر عالمي تحت رعاية الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل شامل وفعلي للقضية الفلسطينية.

وقد جاء هذا التصريح خلال مؤتمر صحفي مشترك على هامش اجتماع حول "الحوار الإستراتيجي الرفيع المستوى بين الصين وأوروبا" يوم 13 أكتوبر  2023، عقده وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" مع الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية "جوزيب بوريل".

روسية "الغرب يطالب بوقف القتال ثم يحرض على تدمير ما يسميه إرهابا"

ذكرت الخارجية الروسية في كلمتها الافتتاحية مع الأمين العام بجامعة الدول العربية يوم 09 أكتوبر 2023، أن المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية عرفت منعطفا حادا، موضحة أن استمرار الصراع أضحى أمرا غير مقبول ويتطلب تحيين جدول أعمال روسيا مع الدول العربية؛ والتركيز على وقف القتال فورا وحماية المدنيين ضحايا القتال، والخوض في الأسباب التي أشعلت الصراع فيما يخص النفق المغلق لحل القضية الفلسطينية، رغم وجود قرارات واضحة لا لبس فيها لمجلس الأمن الدولي، بما فيها مبادرات السلام العربية واتفاقيتي "أوسلو" و"مدريد".

وفي هذا الإطار ثمنت روسيا خلال تلك المناسبة المتعلقة بتوقيع مذكرة التفاهم بينها وبين الأمين العام لجامعة الدول العربية، الإمكانيات التي يحظيان بها من أجل المساهمة في حل القضية، ووقف إراقة دماء المدنيين وإنهاء معاناتهم قبل كل شيء، والتوصل إلى تسوية القضية الفلسطينية دون تأجيل، في إطار أممي بشأن "حل الدولتين (إسرائيل وفلسطين)"، بما يضمن التعايش والأمن وحسن الجوار. لأجل سلام دائم في الإقليمي؛.

وأكد وزير خارجيتها استعداد روسيا للتعاون مع بلدان العالم الصديقة والمخلصة لمشروع السلام الدائم في الشرق الأوسط، وضمان الأمن لجميع دوله دون استثناء، وقيام دولة فلسطين وفق لقرار مجلس الأمن الدولي.

وفي هذا الإطار، عبرت الخارجية الروسية خلال الندوة الصحفية بعد المؤتمر، عن قلقها إزاء مقتل المئات من الإسرائيليين والفلسطينيين ومصير الروس اليهود في إسرائيل، ومن العمليات الإسرائيلية التي جعلت من قطاع غزة هدفا للعمليات الانتقامية، كما أدانت القتل والعنف ضد كلا الجهتين، مؤكدا اهتمام الرئيس الروسي بضمان أمن فلسطين وإسرائيل.

وعبر عن استغارابه من موقف الغرب الذي يدين الهجوم على إسرائيل، ويدعوا إلى وقف القتال، ثم يطلب من إسرائيل "تدمير وهزيمة الإرهاب" في نفس الوقت وبشكل متكرر في الصراع الذي عمر طويلا، مؤكدا معارضته لتقويض قرار الأمم المتحدة بإقامة دولة فلسطينية، تحت مبرر الأمن ومكافحة التطرف والإرهاب.

وفي نفس السياق، ذكر الرئيس الروسي بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية والتي وصفها ب"المدمرة، والمقوضة لجهود السلام"، وفق الآلية المقررة من مجلس الأمن الدولي، واحتكارها قنوات الوساطة والحوار بعيدا عن الحلول السياسية، للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية، محاولة تغيير قرارات مجلس الأمن من موضوع الحق في إقامة دولة فلسطين إلى موضوع يهم تخفيف المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين، مع الإبقاء على تواصل بين الطرفين فقط للتنسيق بشأن الأمن العمومي.

وأضاف وزير الخارجية الروسي في مكالمة هاتفية مع نظيره المصري يوم 16 أكتوبر 2023، أن الأسباب الجذرية لدوامة التصعيد غير المسبوقة في المنطقة، هي إغلاق جميع بوادر التقدم في تسوية سياسية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيرا أنه ينبغي التوصل لحال قاضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود عام 1967، تعيش فيه سلام وأمن مع إسرائيل.