وزير التعليم العالي يستنفر الوزارة بعد انفجار "مافيا الماستر" بأكادير
استدعى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد العزيز ميداوي، بشكل عاجل عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، محمد بوعزيز، إلى اجتماع طارئ يعقد يوم غد الإثنين بمقر الوزارة بالرباط، وذلك في خضم تطورات التحقيقات الجارية في ما بات يُعرف إعلامياً بفضيحة "بيع الشهادات الجامعية" بجامعة ابن زهر.
مصادر خاصة من داخل الوزارة أكدت لجريدة بلبريس أن الوزير ميداوي طلب حضور عدد من أطر الطاقم الإداري للكلية، للوقوف على حيثيات الملف الذي أثار جدلاً واسعاً، ويتعلق بشبهات التلاعب في تسجيل الطلبة بسلك الماستر ومنح شهادات جامعية مقابل مبالغ مالية، في واحدة من أكبر قضايا الفساد التي تضرب منظومة التعليم العالي بالمغرب.
وبحسب المعطيات التي توصلت بها بلبريس، فإن الوزير قرر تولي التحقيق شخصياً في الموضوع، قبل إحالته على المفتشية العامة للوزارة، التي يُنتظر أن تحل خلال هذا الأسبوع بكلية الحقوق بأكادير من أجل مباشرة تحقيقات ميدانية دقيقة.
القضية تفجرت بعد توقيف أستاذ القانون الخاص بالكلية، أحمد قليش، يوم الثلاثاء الماضي، بأمر من قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش، حيث يُتابَع على خلفية تورطه المفترض في شبكة فساد معقدة تتعلق بالاتجار في الشهادات، والتزوير، وغسل الأموال، واستغلال النفوذ.
التحقيقات كشفت عن شبكة واسعة تضم محامين، وموظفين بقطاع العدالة، وأبناء مسؤولين، إضافة إلى زوجة الأستاذ، وهي محامية، متهمون جميعاً بالتورط في بيع شهادات ماستر وتسجيلات دراسية مقابل مبالغ مالية ضخمة، دون إجراء مباريات أو حضور فعلي للدروس.
مصدر القضية كان اعتراف موثق تم توقيفه في سبتة صيف 2021، بتورطه في اختلاس أموال زبنائه، وقد كشف أثناء التحقيق معه أنه حصل على شهادة ماستر مقابل 25 مليون سنتيم دون استيفاء أي من الشروط الأكاديمية.
ومع توالي الشكايات، تدخلت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية، حيث وجهت بلاغاً رسمياً إلى الوكيل العام للملك، اتهمت فيه الأستاذ بتزوير الشهادات وتغيير السجلات الجامعية وابتزاز الطلبة، مع الإشارة إلى شبهات غسل أموال وتضخم غير مبرر في ثروته.
ووفق التحقيقات، راكم الأستاذ ثروة هائلة لا تتناسب مع راتبه الذي لا يتجاوز 15 ألف درهم شهرياً، إذ اقتنى عقارات فاخرة، وبنى فيلات بملايين الدراهم، إضافة إلى توليه رئاسة مركز قانوني بالدار البيضاء يُشتبه في استغلاله كواجهة لتبييض الأموال، مع غياب أي أنشطة فعلية تبرر الدعم المالي الذي حصل عليه.
كما تفيد المعطيات أن شبكته امتدت لتشمل تزوير شهادات لطلبة أجانب بمبالغ وصلت إلى 100 ألف درهم، دون أن تطأ أقدامهم المغرب، في خرق صريح لقواعد ومعايير التعليم العالي المغربي.
وفي ظل غياب توضيحات رسمية من إدارة الكلية، عبّر عدد من طلبة الفصل السادس بشعبة القانون الخاص عن قلقهم بشأن مصير امتحان مادة المسطرة الجنائية التي كان يُدرّسها الأستاذ الموقوف، ما عمّق حالة الغموض داخل الحرم الجامعي.
تتوالى تداعيات الفضيحة، في وقت تتصاعد فيه دعوات من المجتمع الأكاديمي والحقوقي لإجراء إصلاحات جذرية في نظام التعليم العالي، وتعزيز آليات الرقابة لمنع تكرار مثل هذه الخروقات الخطيرة التي تهدد مصداقية الشهادة الجامعية المغربية.