وزيران وبرلمانيون في دائرة الشبهات

دخلت جهات حكومية على خط ملف صندوق تنمية العالم القروي والمناطق الجبلية، بعدما ارتفعت مؤشرات الشكوك حول صرف ما يقارب 50 مليار درهم، خُصصت ما بين 2017 و2023 لتنفيذ برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس.

 

وطالبت هذه الجهات بإحداث لجنة تحقيق متعددة الأطراف، تضم ممثلين عن وزارات عدة، تحت إشراف مباشر لكل من المفتشية العامة للإدارة الترابية بقيادة الوالي محمد فوزي، والمفتشية العامة لوزارة المالية. والهدف: التدقيق في مدى احترام برمجة المشاريع، وتطابقها مع الأهداف الأصلية للبرنامج الملكي.

 

وكشفت يومية "الصباح"، أن سبب هذا التحرك المفاجئ يعود إلى توصل الجهات الحكومية بمعطيات أولية تفيد بوجود شبهة استغلال سياسي وانتخابي لتمويلات البرنامج من قبل وزيرين، أحدهما تم إعفاؤه في تعديل حكومي سابق، إضافة إلى عدد من البرلمانيين، الذين حوّلوا المشاريع من غاياتها الاجتماعية إلى أدوات لخدمة مصالحهم السياسية.

 

وتفيد المعطيات ذاتها أن برلمانيين بعدة أقاليم، من بينها بركان وسيدي إفني والقصر الكبير، حصلوا على مشاريع مموّلة من البرنامج، رغم أنها كانت موجهة للعالم القروي والمجالات الجبلية. الأخطر من ذلك، أن بعضهم استغل نفوذه لتوجيه المشاريع إلى مناطق حضرية، كما هو الحال في جهة طنجة تطوان الحسيمة، في خرق واضح لمضامين البرنامج الملكي.

 

ويمثل العالم القروي أكثر من 90% من مساحة التراب الوطني، ويضم 40% من السكان، ويساهم بنسبة 20% من الناتج الداخلي الخام، فضلاً عن احتضانه لـ9 ملايين هكتار من الأراضي الفلاحية. لهذا، كان تقليص الفوارق المجالية أحد أعمدة السياسات العمومية في السنوات الأخيرة، ورهانًا مركزيًا ضمن البرنامج الحكومي، لمحاربة الفقر والعزلة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

 

وبفضل طابعه المتعدد القطاعات، أرست الدولة من خلال هذا البرنامج نمطًا جديدًا من التدخلات الترابية، يرتكز على الالتقائية والتكامل بين المشاريع. وقد همّت تدخلاته فك العزلة، وتوفير الطرق، والماء، والكهرباء، والصحة، والتعليم، ودعم الأنشطة الاقتصادية المحلية. غير أن اختلالات التدبير والاستغلال غير المشروع لموارده، باتت تفرض تدخلاً حازمًا، لضمان ربط المحاسبة بالمسؤولية، وصيانة الثقة في جدوى السياسات العمومية.