تقرير: قضية فساد أبالوس.. تحقيقات إسبانية تمتد إلى المغرب

تواصل التحقيقات القضائية التي تباشرها السلطات الإسبانية في ملف الفساد المالي الذي يُشتبه بتورط وزير النقل الإسباني الأسبق، خوسي لويس أبالوس، الكشف عن خيوط جديدة، امتدت مؤخرا إلى علاقات سياسية وتجارية سابقة مع المغرب.
وأفادت وسائل إعلام إسبانية، من بينها صحيفة لاراثون، أن رحلة رسمية أجراها أبالوس إلى الرباط سنة 2019 أصبحت موضع تدقيق من قبل وحدة الحرس المدني المكلفة بالملف، على خلفية الاشتباه في استغلال تلك الزيارة لترتيب مصالح تجارية غير مشروعة لصالح شركات إسبانية.

وتأتي هذه التطورات بعدما تم تقديم تسجيل صوتي يعود إلى 9 أبريل 2019، يضم حوارًا بين كولدو غارسيا، المستشار السابق لأبالوس، وأحد الأطراف المتورطة في الشبكة، يتحدث فيه عن إمكانية دفع عمولات مالية مقابل الحصول على صفقات عمومية بالمغرب، خاصة في مشاريع البنية التحتية التي كانت محورًا لزيارة رسمية تمت قبل ذلك التاريخ بشهرين ونصف.

وبالرجوع إلى الوقائع، فقد أجرى أبالوس، حينها بصفته ممثلًا لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، زيارة رسمية إلى المغرب في أواخر يناير 2019، التقى خلالها رئيس الحكومة المغربية السابق سعد الدين العثماني، وعددًا من الوزراء المكلفين بقطاعات البنية التحتية والنقل والتجهيز. وتضمنت المحادثات، بحسب المصادر ذاتها، بحث فرص التعاون في مشاريع استراتيجية كبرى، من بينها مشروع القطار فائق السرعة، وخطط توسعة شبكة الترامواي في الدار البيضاء، بالإضافة إلى مشاريع في الطرق السريعة.

وقد أبدى الوزير الإسباني السابق، خلال هذه الزيارة، اهتمامًا خاصًا بملف الترامواي، حيث كانت شركة إسبانية تتطلع إلى الحصول على صفقة تشييد خط جديد، غير أن أيًا من هذه المشاريع لم يُسند إلى شركات إسبانية في النهاية، وهو ما لم يمنع المحققين من تقصّي احتمال وجود ترتيبات مسبقة لم تكتمل، أو محاولات ضغط للحصول على صفقات بمقابل غير قانوني.

وفي تطور موازٍ، كشفت مصادر قضائية أن التحقيقات الجارية شملت طلبًا رسميًا من المحكمة العليا الإسبانية إلى الإدارة المركزية لبنك أفريقيا في المغرب، من أجل تقديم معلومات مفصلة حول حساب بنكي يُشتبه بارتباطه بشبكة الفساد، وتحديدًا بشركة "ليفانتيا" للهندسة، التي يملكها رجل الأعمال دانييل فرنانديز مينينديز، أحد الأسماء الواردة في التحقيق.

ويخص الحساب المطلوب، بحسب المعطيات المتوفرة، فرع البنك في العاصمة الإسبانية مدريد، وقد تم فتحه سنة 2011 وأُغلق في مارس 2021، أي قبل شهور قليلة من مغادرة أبالوس لمنصبه الوزاري، وتشير الوثائق القضائية إلى أن طلب التعاون يشمل كل المعطيات المصرفية والمالية المرتبطة بالحساب، بما في ذلك صناديق الأمانات، والأشخاص أو الكيانات التي كانت تستفيد منه بشكل مباشر أو غير مباشر.

وقد شددت وحدة الحرس المدني على ضرورة عدم إشعار أي فرع من فروع البنك أو صاحب الحساب بهذا الإجراء، حفاظًا على سرية التحقيق، وهو ما يعكس حساسية الملف واتساع رقعته الجغرافية.

الجدير بالذكر أن هذه القضية، التي باتت تعرف في الإعلام الإسباني بـ"فضيحة أبالوس"، تشمل أيضًا تورط شخصيات بارزة في الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، من ضمنهم أمين تنظيم سابق، إلى جانب مسؤولين في شركات مقاولات، يُشتبه في تقديمهم رشاوى مقابل الحصول على صفقات عمومية خلال فترة ولاية أبالوس في وزارة النقل.

ومع اتساع دائرة التحقيق، واتصالها بعلاقات ومسارات خارج الحدود الإسبانية، تتعزز فرضية وجود شبكة فساد منظمة عابرة للدول، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى تعقيد الملف، والجهات التي قد تُستدعى لاحقًا لتقديم توضيحات أو بيانات، خصوصًا في ظل إشارات قضائية إلى احتمال تدخّل وسطاء ماليين عبر الحدود.