في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التي يعيشها المغرب عموما وجهة فاس مكناس بشكل خاص، يثير إعلان نتائج صفقة إصلاح مصاعد مقر جهة فاس-مكناس العديد من التساؤلات حول مدى مراعاة المال العام في مثل هذه الصفقات.
وحسب محضر الصفقة التي اطلعت عليه "بلبريس"، فقد تم اختيار شركة "أكادير ليفت" لتولي المشروع بمبلغ مالي أولي قدره 720 ألف درهم، ثم خُفض لاحقًا إلى 644,999.99 درهم بعد التعديل. هذا المبلغ، رغم تخفيضه، يبدو مرتفعًا مقارنة بطبيعة العمل المطلوب، والذي لا يتجاوز إصلاح مصاعد وليس إنشاءها من الصفر.
ويشير مراقبون أنه من اللافت في الأمر أن عملية التقييم أدت إلى استبعاد شركتين أخريين تقدّمتا للصفقة، وهما "ريلاكس أسونسور" و"باراغاس"، لأسباب فنية، بينما تم تعديل عرض الشركة الفائزة بعد فتح الظروف، هذا التعديل يطرح تساؤلات حول دقة المعايير المتبعة في تقييم العروض، خاصة أن التبرير الرسمي لاختيار "أكادير ليفت" كان أنها "العرض الأكثر فائدة من الناحية الاقتصادية"، دون إيضاح تفاصيل هذه الميزة.
وفي الوقت الذي تشدد فيه الحكومة على ضرورة ترشيد النفقات وضبط الإنفاق العام، تبدو مثل هذه الصفقات غير متناسبة مع سياسة التقشف المعلنة. فالمبالغ المخصصة للمشروع تتجاوز التكلفة المتوقعة لمثل هذه الأعمال، مما يدفع إلى التشكيك في وجود هدر للمال العام أو تضخيم في التكاليف.
ويشار إلى أن هذه التطورات تأتي في سياق يطغى عليه الإحساس المتزايد لدى المواطنين بالتباعد بين أولويات المسؤولين وواقعهم المعيشي، ومؤخرًا، أعلنت جهة فاس مكناس عن صفقة لاقتناء سيارات جديدة بقيمة تتجاوز 1.3 مليون درهم، حسب معطيات اطلعت عليها جريدة "بلبريس"، وذلك في وقت يئن فيه المواطنون تحت وطأة غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية.
هذا القرار أثار استغرابًا واسعًا في الأوساط المحلية، حيث يُنظر إليه كدليل إضافي على مفارقة صارخة بين اختيارات بعض المؤسسات المنتخبة والحاجات الحقيقية للمواطنين، في مشهد يعيد إلى الأذهان المثل الشعبي المغربي: "آش خاصك آ العريان؟ خاتم يا مولاي!"، في إشارة إلى التناقض الصارخ بين الأولويات الواقعية والقرارات الرمزية.
وبحسب محضر جلسة فتح الأظرفة الخاصة بالمنافسة الدولية رقم 07/RFM/2025، والمنشور على البوابة الإلكترونية للمنافسات العمومية، فقد تقدمت شركة واحدة فقط، وهي "موروكو أوتوموتيف ريتيل"، للمشاركة في الصفقة، وتم قبول عرضها البالغ 1,337,512.00 درهم دون أي تحفظات. وقد تم اختيارها بناءً على معيار "العرض الأكثر فائدة اقتصاديًا"، في غياب أي عروض منافسة أخرى.