مؤشر نزاهة البحث العلمي RI² يدق ناقوس الخطر في 10 جامعات
كشف تقرير مؤشر النزاهة في البحث العلمي RI² الخاصة بالنصف الأول من عام 2025 عن معطيات خطيرة عن جودة النشر الأكاديمي داخل الجامعات المغربية حسب المعايير الدولية، مقدما عددا من الاختلالات البنيوية التي يعاني منها البحث العلمي في المملكة، والتي تجعل جل الجامعات المغربية في فئة الجامعات ذات المخاطر المرتفعة وفق مؤشر النزاهة العلمية.
وتميّزت نتائج مؤشر النزاهة في البحث العلمي RI² اعتمادها في عملية التقييم معيارين دقيقين: نسبة المقالات المنشورة في مجلات حُذفت من قواعد البيانات الموثوقة، وعدد المقالات التي تم سحبها لأسباب تتعلق بمخالفات أو أخطاء علمية.
وجاء هذا التوجه الجديد كرد فعل على الانتشار المتزايد لما يُعرف بـ”المجلات المفترسة” Predatory Journals “ وهي مجلات مزيفة وجدت لأهداف ربحية بحتة، وليس ذات قيمة علمية، ولا تمتلك معايير تقييم علمية وأخلاقية دقيقة، لذى فنسب قبولها لأبحاث المقدمة مرتفعة لكونها تهدف للربح المادي فقط، إضافة لعدم احترامها الحد الأدنى من معايير النزاهة الأكاديمية وتُشكل تهديدًا جديًا لمصداقية البحث العلمي على الصعيدين الوطني والدولي.
وأفرزت نتائج هذا المؤشر عن نتائج مثيرة وجد مقلقة حول وضعية البحث العلمي بالجامعات المغربية، رتبها مؤشر النزاهة في البحث العلمي RI² على شكل ثلاث فئات :
- فئة الجامعات ذات “المخاطر المرتفعة جداً”:
o جامعة ابن طفيل بالقنيطرة،
تشمل هذه الفئة جامعة واحدة هي جامعة ابن طفيل بالقنيطرة التي تتصدر فئة الجامعات المغربية المصنفة في فئة “المخاطر المرتفعة جداً”، محتلةً المركز 117 عالميًا بنسبة نشر في مجلات محذوفة بلغت 7.66%، وعدد مقالات مسحوبة بلغ 165، مما أدى إلى تسجيل مؤشر خطر بلغ 0.259.
تصنيف جامعة ابن طفيل بالقنيطرة في هذه الفئة لا يشرف الوزير الحالي للتعليم العالي الذي كان رئيسا لهده الجامعة، مما يتطلب من رئيس الجامعة وعمداء كلياتها وأساتذتها وعلى باحثيها القيام بنقد ذاتي جزيئ، والتحلي بشجاعة فكرية واتخاذ قرارات صارمة، وإدخال تعديلات جوهرية عاجلة لمنظومة النشر الأكاديمي بها، سواء على مستوى آليات الرقابة الداخلية أو على صعيد معايير اعتماد المجلات والتقييم المهني للباحثين.
- فئة الجامعات ذات “المخاطر المرتفعة”:
o جامعة ابن زهر بأكادير
o جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء
o وجامعة محمد الخامس بالرباط
o وجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس (المركز 212)
تشمل هذه الفئة أربع جامعات مغربية أخرى، هي جامعة ابن زهر بأكادير (المركز 178 عالميًا)، وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء (المركز 180)، وجامعة محمد الخامس بالرباط (المركز 181)، وجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس (المركز 212).
وتشير هذه التصنيفات إن الجامعات السابقة الذكر تعاني من اختلالات مقلقة، تستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة حول إعادة تقييم سياسات النشر وفرض الرقابة العلمية الصارمة حول ما ينشر داخل هذه الجامعات.
- فئة الجامعات ذات “المخاطر المتوسطة”
o جامعة عبد المالك السعدي بتطوان
o جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال
o جامعة المولى إسماعيل بمكناس
o جامعة محمد السادس متعددة التخصصات ببن جرير
o جامعة القاضي عياض بمراكش
يتعلق الامر بخمس جامعات مغربية صنّفت ضمن فئة “المخاطر المتوسطة”، ويتعلق الأمر بكل من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان (المركز 241)، وجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال (المركز 274)، وجامعة المولى إسماعيل بمكناس (المركز 323)، وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات ببن جرير (المركز 332)، وجامعة القاضي عياض بمراكش (المركز 428).
ورغم أن هذه الفئة من الجامعات المغربية لا تعاني من فوضى عارمة على مستوى نشر الأبحاث العلمية، لكونها تلتزم بالحد الأدنى للبحث العلمي، فإنها مطالبة بتكثيف الرقابة الشديدة علي منشوراتها العلمية لتصبح نموذجا يحتذى به لباقي الجامعات المغربية لتأمين الممارسات الأكاديمية المرتبطة بالنشر العلمي.
يتبين من مؤشر النزاهة العلمية المتعلق بالجامعات المغربية أنها تعاني من اختلالات بنيوية مقلقة في النشر الأكاديمي بالمغرب تهدد مصداقية البحث العلمي بجامعاتنا، ،تجعلها تحتل مراتب متدنية في الترتيب الجامعي الدولي.
وتأتي هذه النتائج في سياق دولي يتزايد فيه القلق من ظاهرة “المجلات المفترسة” ” Predatory Journals “ التي لا تحترم الحد الأدنى من معايير التحكيم الأكاديمي، وتشكل فضاءات لاستغلال الباحثين ونشر محتويات غير موثوقة كسبا للمال.
ومع ارتفاع نسب النشر في مثل هذه المجلات، تبدو الحاجة ملحة اليوم لإرساء آليات رقابة صارمة، وتحيين معايير التقييم والترقية بصرامة داخل الجامعات المغربية، بما يضمن حماية البحث العلمي من السطحية العلمية والانزلاقات المعرفية وفقدان الشرعية والمصداقية الجامعية، وفرض عقوبات مشددة على المتلاعبين بنبل البحث العلمي، واعتقد ان الوزير الحالي ميداوي واع بهذه الاختلالات المقلقة وهو يخوض حربا بلا هوادة مع كل أشكال الفساد ،ويقوم بإصلاحات عميقة في منظومة التعليم العالي والبحث العلمي.لكن. وحده لن يفلح في هذه المهام دون مشاركة مواطنة من طرف رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والاساتذة الجامعيين والاداريين والطلبة وباقي القوي المواطنة بالبلاد.