قاضي التحقيق يأمر بإحضار ابنة وزير أول أسبق في ملف اختلاسات
كشفت مصادر إعلامية عن تطورات مثيرة في ملف الدعم الفلاحي المتعلق باقتناء الجرارات، حيث أصدر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، مؤخراً، أمراً بالإحضار عن طريق القوة العمومية في حق ابنة وزير أول أسبق، متهمة ضمن مجموعة من الأشخاص في قضية اختلاس أموال عمومية، والتزوير واستعماله.
وحسب المعطيات المتداولة، فإن جلسة التحقيق المقررة يوم الثلاثاء المقبل قد تشهد مثول المعنية بالأمر للمرة الأولى، بعد تعذر حضورها سابقاً رغم محاولات عديدة لإحضارها، دون أن يتم تنفيذ أي إجراء فعلي في حقها، ما أثار علامات استفهام حول مسار هذا الملف القضائي الحساس.
وقد وجه قاضي التحقيق أمر الإحضار عبر القنوات الرسمية إلى الوكيل العام للملك، الذي كلف بدوره الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء بتنفيذ القرار، في إشارة إلى الجدية التي بات الملف يكتسيها بعد سنوات من التعثر.
الملف الذي يتابع فيه عدد من المسؤولين والموظفين البنكيين وممثلي شركات خاصة، يتعلق باختلاسات طالت دعماً حكومياً موجهاً للفلاحين، خاصة في ما يخص اقتناء الجرارات والآليات الفلاحية. وحسب نتائج التحقيقات التي أجرتها الفرقة الوطنية، فإن مبالغ الدعم المختلسة تُقدّر بأزيد من 11 مليار سنتيم، جرى الاستيلاء عليها عبر تزوير فواتير وبيع صوري للجرارات التي لم تصل قط إلى الفلاحين المستفيدين.
وتجدر الإشارة إلى أن ملفاً موازياً يتقاطع مع هذه القضية قد صدر بشأنه حكم حديث عن الغرفة الجنائية الابتدائية بفاس في 15 أبريل الجاري، وقضى ببراءة 15 متهماً بعد اعتبار التهم الموجهة إليهم جنحاً سقطت بالتقادم، فيما تم فصل ملف أحد المتهمين لكونه في حالة فرار، وحددت جلسة جديدة للنظر فيه.
غير أن هذا الحكم لم يمر دون اعتراض، إذ بادر الوكيل العام للملك والطرف المدني إلى الطعن فيه، معتبرين أن القضية تتعلق بجريمة تمس المال العام وتُصنف ضمن الجنايات، لا سيما وأن التحقيقات أكدت أن الدعم الذي صرف باسم فلاحين، لم يصل إليهم قط، وأن الوثائق التي استُند عليها في عمليات الصرف شابها تزوير ممنهج.
وتعود فصول هذه القضية إلى شكاية تقدم بها مدير عام شركة متخصصة في استيراد الآليات الفلاحية وشركاؤه الأجانب، ضد عدد من الأطراف، مما فتح الباب أمام تحقيقات واسعة طالت أكثر من 20 شخصاً، بينهم مسؤولون بنكيون وموظفون عموميون ومستخدمون في شركات متورطة.
وقد بيّنت الخبرات التقنية المنجزة أن أكثر من 60 جراراً كانت موضوع تلاعبات، حيث صُرفت الإعانات لفائدة شركات لم توصل الآليات إلى الفلاحين، بل تم بيعها صورياً، وهو ما اعتُبر خرقاً واضحاً للقانون وتلاعباً بمصالح الفلاحين والدولة على حد سواء.
ملف اختلاسات الجرارات مرشح للمزيد من التفاعلات خلال الأيام المقبلة، خاصة إذا ما حضرت ابنة الوزير الأول الأسبق أمام قاضي التحقيق، في جلسة قد تحمل مفاجآت جديدة وتضع وجوهاً بارزة تحت مجهر العدالة.