سميرة الفيزازي ...سيدة الطقس الأولى...حكاية إمرأة ألفها المغاربة

لم تكن شخصيات عادية في التاريخ ، ولا مسارها كان عاديا في ذاكرة المغاربة ، بل حاولت أن تصنع "بروفيلاتها"، على الرغم من العراقيل والصعوبات التي كادت أن تعصف بهم.

ضمن سلسلة برامج رمضان، ارتأت جريدة" بلبريس" ، أن تقدم "ربورتريهات" عن شخصيات عاش معها المغاربة تفاصيل كثيرة جعلتهم يتذكرونها بين كل حدث و حديث.

في حلقة اليوم .... ستتعرفون على واحدة من أهم  النساء المغربيات اللواتي تألقن في عالم التلفاز، والتي استطاعت بهاتين الجملتين "أهلا بكم " "و أسعد الله مساءكم"، أن تنقش لقب سيدة الطقس الأولى.

هي الإعلامية الراحلة سميرة الفيزازي التي ترسخ اسمها في أذهان المغاربة، بعد أن  قضت ربع قرن تطلع المغاربة على تقلبات الجو وأحوال الطقس.

أبصرت سميرة الفيزازي النور عام 1966، بمدينة الناظور، كأول مولودة لعائلة محافظة مكونة من خمسة أفراد من بينهم إبن واحد، كما ترعرعت ونشأت في نفس المدينة التي تابعت فيها تعليمها الابتدائي والثانوي، إلا أنها شدت الرحال إلى العاصمة الرباط لإتمام دراستها دون أن تفرط في وصايا والديها وحكماء أسرتها الذين ساندوا رحلة شابة عاشقة للتلفزيون.

كان والدها رجل سلطة معروف ومشهود  له بصرامة، ولهذا كان لا يقبل بغير التنفيذ المعجل لقراراته، وهو الأمر الذي لم يكن يرد من سميرة .

وعند انضمام سميرة الفيزازي إلى عالم التلفزيون،  لم يتوقع لها أن تتسلق سلم النجاح بسرعة، حيث اشتغلت في بدايتها كمحررة تغرس رأسها في قصاصات الأنباء غير انه أريد لها مسار أكبر من كل التوقعات المهنية.

ففي منتصف الثمانيات، وفي ظل ظروف طارئة لإحدى مقدمات نشرة الطقس التي كانت سميرة مولوعة بها وتتابعها بحماس، قدر لها أن تتربع على عرش سيدة الطقس، خاصة حين كان أمرها موكولا للفنان عزيز الفاضيلي.

اختيار سميرة الفيزازي لتقديم نشرات الأحوال الجوية،كان حلما لا ينتهي بنهاية النشرة، بل أصبح عملا يتطلب منها متابعة للنشرات الأجنبية الوقوف على أهم مستجدات تقديم هذه الفقرة، التي استطعت الراحلة  مع  مرور الزمن ، أن ترسم به خيوط حكاية تصغى إليها الأذن ، ويتابعها المشاهد،  وهي  تروي كل يوم أحوال الطقس، بين ارتفاع صبيب التساقطات المطرية، أو انحباس الغيث، أملا في الوصول للانفراج.

بعد ظهورها على الشاشة، خطفت سميرة قلب المهندس عبد العالي الزروالي،  الذي قرر مفاتحتها في موضوع زواج كان ضد كل التوقعات، خاصة وأن زوج الراحلة كان خريج المدرسة المحمدية للمهندسين، ولم تكن تربطه أي علاقة بالوسط المهني .

جمعهما عالم الماء، لكن لكل منهما اختصاصه، فمقدمة النشرات الجوية كانت تقضي سحابة يومها في انتظار الغيث والماء، بينما كان زوجها يرابط في مختبر المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وهو يحلل ويتفحص صبيب المياه، لذا ظل كل طرف يمد الآخر بما جد في عالم الماء.
بعد زواجهما، رزقت سميرة وزوجها ببنتين، شقتا طريقيهما بعيدا عن تخصص والديهما، فابنتها «لينا» تدرس علوم الإعلام في العاصمة الفرنسية، أما «آية» فحلم الهندسة لا يفارقها.

ودائما ما كانت راحلة  في لقاءتها الإعلامية، تفتخر بدور زوجها في حياتها، وتقول " تعلمت منه النضج وتعلمت من والدي، رحمه الله، الذي كان يعمل باشا الصرامة والانضباط، فيما ورثت عن والدتي الرقة والحنان".

ستغيب سميرة الفزازي عام 2012، وسيغيب عن الشاشة دفئ إمرأة صنعت حكاية طقس ألفها المغاربة، بعد معاناتها مع مرض السرطان، الذي صرعته حينا وصرعها مرة أخرى، إلى أن وفاتها المنية في 19 من ماي 2017،  مودعة أجيالا كثيرة " إلى اللقاء".