مذكرات ج.بولتون الحلقة 3.. العلاقات بين الأمم تقوم على القوة و ليس على الحق

يفتتح بولتون الفصل الثاني مم مذكراته بالحديث عن سياسة أمريكا بسوريا عقب ما اسماه استعمال الجيش السوري للأسلحة الكيماوية بدومة و بخان شيخون سنة قبل ذلك(أي سنة 2017) والتي سوف ترد عليها القوات الأمريكية. الذي يصفها بأنها غير محددة على المدى الطويل ; و أن النظام السوري لم يستوعب الدروس.و أن قوة الردع فشلت. فالبيت الأبيض لا يملك رؤية واضحة فيما يتعلق بتثبيت المصالح الأمريكية على المدى الطويل.كما ينتقد سياسة اوباها التي اكتفت في نظره بمكاسب محدودة ،إضافة لكونها كانت ضعيفة الرؤيا.

و يحكي بولتون انه في ظل تأزم الوضع في سوريا،و بالضبط بتاريخ  مغادرة  سلفه ماكماستر البيت الأبيض مساء يوم الجمعة و حلوله محله، أراد بولتون عقد اجتماع مستعجل يوم الأحد ،إلا أن  مسؤولي البيت الأبيض رفضوا ذلك بحجة أنه(أي بولتون )لا يمكنه مزاولة مهامه بصفة رسمية إلا ابتداء من يوم الاثنين القادم.

و عندما اجتمع مع ترامب لمدة 20 دقيقة اخبره بان "شرفه على المحك"،و هذا ذكر بولتون بالمقولة الشهيرة للمؤرخ اليوناني ثيوسديدس ، شيخ المؤرخين و مؤسس النظرية الواقعية في العلاقات الدولية، الذي قال فيه "ان الخوف و الشرف و المصلحة هي التي توجه العلاقات الدولية و الحرب في آخر المطاف ".و أن العلاقات بين الأمم تقوه على القوة و ليس على الحق.

" إن العلاقات بين الأمم تقوم على القوة و ليس على الحق."

و على هامش هذه القولة سبق لأحد كبار أساتذة جامعة هارفارد غراهام اليسون و الذي اشتغل مع ريغان و كلينتون أن قام بزيارة للبيت الأبيض و اجتمع مع أعضاء مجلس الأمن القومي و ذكرهم بالحرب الشهيرة التي دارت قبل 2500 سنة بين أثينا و إسبارطة ،والتي تلقي بظلالها على العالم،في إشارة إلى حالة المواجهة الراهنة بين الولايات المتحدة والصين،و ذكرهم بان الدروس لم تستخلص بما فيه الكفاية .و حذرهم من "فخ أو مصيدة ثيوسيديس" ، مؤرخ الحرب البلوبينزية ،حيث تتواجه و تتصادم فيه قوة صاعدة مع قوة أخرى مهيمنة.

فسبب اندلاع الحرب البلوبينزية المدمرة يعود إلى "تنامي قوة أثينا و خوف إسبارطة منها "،و نبههم بان نفس الدينامية يمكن أن تتكرر حاليا بين الصين و الولايات المتحدة.

يحكي بولتون  بأنه في 6 أشهر الأولى من تعيينه كان يصل إلى مكتبه بالبيت الأبيض على الساعة 6 صباحا تماما مثل ج كيلي مدير مكتب الرئيس الأمريكي.و في الساعة6 و 45 دقيقة يجتمع أعضاء مجلس الأمن القومي.

و في نقاشه حول الرد المناسب في سوريا لم يكن الرئيس يعطي توجيهات حقيقية فقد كان مهموما.

كان المطلوب،يضيف، هو كيف يمكن ردع الأسد،لان الضربات الأمريكية لم تردعه، فاقترح  بولتون توسيع الضربات لتشمل قواعد و منشات عسكرية و ضرب قصر الأسد نفسه .و لكن اقتراحاته لم يلتفت إليها احد...

و قد فصل بولتون في مذكراته اختلاف المواقف داخل البيت الأبيض بخصوص سوريا.و عن وزير الدفاع قال بان اختياراته كانت غير هجومية ، بينما كان نائب الرئيس في صفه،أما نيكي هايلى مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة فقد طالبت بتجنب الخسائر العسكرية البشرية، فزوجها يوجد ضمن جنود الحرس الوطني.

بولتون:ترامب  لم يكن واضحا لا في قراراته و لا في رغباته ولا فيما يعتزم القيام به...

 يقول عن ترامب بأنه لم يكن واضحا في قراراته و رغباته ولا فيما يعتزم القيام به، فهو ينتقل من موضوع إلى آخر بالصدفة. و حتى نقاش مضبوط و منسجم حول موضوع محدد لم يكن ممكنا.وزير الدفاع كان يعرف أفضل من بولتون رد فعل الرئيس في مثل هذه المواقف.

لقد حاول بولتون جاهدا على مدى أشهر عدة، الوصول إلى المخططات العسكرية للبنتاغون في حالات طوارئ مماثلة، و ذلك بغرض الحصول مسبقا على المعلومات والمعطيات الكافية  لمساعدته في جعل عملية صنع القرار العسكري السياسي أكثر شمولا و مرونة....

يستنتج بولتون في أخر هذا الفصل بان أمريكا لم تنجح في ردع الاسد.و ان النقاش حول سوريا لا يدل إلا على غموض السياسة الامريكية خلال ولايته على الأقل.

 

(يتبع)