أثنى وزير العدل والحريات عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء، على "التجربة الديمقراطية المغربية المتميزة" التي تميز بها مشروع قانون المسطرة المدنية و التفاعل "الإيجابي" الذي حظي به هذا المشروع من طرف أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان.
وأعلن وزير العدل خلال جلسة عمومية خصصت للدراسة والتصويت على مشروع قانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية بمجلس النواب، أن المشروع الجديد تضمن مجموعة من المستجدات التشريعية، في إطار قانون جديد متكامل ومندمج، ينسخ قانون المسطرة المدنية الحالي، ويسد الفراغات التي أفرزها الواقع، ويواكب التطور التشريعي الإجرائي الدولي، والتوجهات التي تضمنتها القواعد المعيارية، ويتلاءم مع مبادئ حقوق الانسان وفق ما هو مقرر في الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية.
وأضاف وهبي أن المستجدات التشريعية تضمنت على وجه الخصوص "البنود المتصلة بالعدالة، وحقوق الإنسان عموما، كالمساواة، وحق الدفاع، وصدور الأحكام داخل أجل معقول، والمساعدة القضائية، ومجانية التقاضي، ومبدأ عدم التمييز،...، وغيرها من المبادئ المستقر عليها دوليا، في الإعلانات الأممية و الاتفاقيات الدولية، والتوصيات، والتعليقات العامة، وكذا القرارات الصادر عن أجهزة الأمم المتحدة وآلياتها المعنية، باعتبارها المرجع المعياري الأممي المتوافق عليه من طرف المجتمع الدولي، وذلك في إطار الحرص على أن تكون مقتضيات المشروع متلائمة مع الحقوق التي يكفلها الدستور، ومع الالتزامات الدولية للمملكة المغربية، باعتبارها عضوا نشيطا وفعالا في منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان".
ووفي هذا الإطار، أكد وهبي أن أعضاء لجنة العدل والتشريع "حرصوا على روح التعاون والنقاش المثمر والبناء في أفق تقديم نص قانوني يليق وانتظارات المرتفقين لمرفق العدالة والتي طالت لأكثر من خمسين سنة بعد آخر تعديل جوهري سنة 1974".
وكشف وهبي أن مناقشة تعديلات الفرق النيابية باللجنة لمشروع هذا القانون، سجلت لأول مرة في تاريخ هذا المجلس أكثر من 1160 تعديلا على نفس مشروع القانون المطروح للمناقشة، مشيرا إلى أن فرق المعارضة تقدمت بـ 794 تعديلا موزع بين الفريق الاتحاد الاشتراكي 593 تعديلا، والفريق الحركي 114 تعديلا، وفريق التقدم والاشتراكية 87 تعديلا، فيما تقدمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بـ 90 تعديلا.
وأضاف وزير العدل أن حصة فرق الأغلبية بمجلس النواب من مجموع التعديلات المقدمة كانت 238 تعديلا، بينما تقدم النواب غير المنتسبون بـ39 تعديلا على مشروع قانون المسطرة المدنية.
وأكد وهبي أن الحكومة تفاعلت إيجابيا مع مجموع هذه التعديلات وناقشتها الواحد تلوى الآخر، وقبلت 256 تعديلا كليا، و65 تعديلا جزئيا، ولم تقبل الباقي، مستغلا الفرصة ليهنىء الجميع "على هذا التمرين الديمقراطي الذي أصبح جزءًا من عمل هذه المؤسسة الدستورية وسمة تميز السلطة التشريعية ببلادنا".
في هذا الصدد، سجل وهبي أن وزارة العدل حرصت على إعداد هذا المشروع باعتماد منهجية تشاركية واسعة استقت خلالها آراء ووجهات نظر مجموع المتدخلين في الحقل القضائي وعملت على ملائمة مواده مع مقتضيات الوثيقة الدستورية، ومبادئ حقوق الانسان، وعيًا منها بأهمية تنزيل الالتزامات التي يفرضها الدستور، لا سيما فيما يتعلق بالجوانب المرتبطة بضمان الحريات والحقوق.
وتابع المسؤول الحكومي القول "ويجسد في هذا المضمار قانون المسطرة المدنية المدخل الأساسي للممارسة حق التقاضي أمام المحاكم من أجل اقتضاء الحقوق بما يستدعي تنظيم العلاقة بين المواطن والعدالة، لتحقيق الأمن القانوني للمواطنين أفرادًا وجماعات".
واعتبر وهبي أن قانون المسطرة المدنية من أهم الضمانات القضائية لحماية الحقوق والحريات وتأهيل عمل المحاكم لجعلها قريبة من احتياجاته وإنتظاراته، فهو الشريعة العامة للقواعد المسطرية التي تطبق على كافة القضايا باختلاف أنواعها، ما لم يوجد نص خاص يقضي بخلاف ذلك.
ويشكل هذا المشروع في أساسه، حسب وزير العدل، "تجسيدًا للإرادة الملكية السامية التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرُه الله في خطابه التاريخي لـ 20 غشت 2009، بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد، في إطار توجيه الحكومة للشروع في تفعيل مشروع إصلاح القضاء في ستة مجالات ذات أسبقية، حيث دعا جلالته حفظه الله إلى "الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة، وهذا ما يقتضي تبسيط وشفافية المساطر، والرفع من جودة الأحكام والخدمات القضائية، وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات، وتنفيذ الأحكام".
وأكد المتحدث، أن المشروع تضمن تنزيلا لتوصيات ميثاق إصلاح العدالة التي تستهدف فعالية منظومة العدالة وقربها من المتقاضين وتسهيل الولوج إليها، وتوصيات النموذج التنموي الجديد، ولاسيما تلك التي تؤكد على أهمية تحسين أداء المحاكم، والتقليص من بطء العدالة وتسريع وتيرتها من محكمة تقليدية إلى محكمة إلكترونية، وتحسين آليات التنسيق بين الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة.