دخول اعتماد عنوان البطاقة الوطنية للتبليغ القضائي حيز التنفيذ

دخل القانون رقم 03.23 المتعلق بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية حيز التنفيذ اليوم الاثنين 8 دجنبر 2025، بعد نشره في الجريدة الرسمية عدد 7437 بتاريخ 8 شتنبر 2025.

ويأتي تفعيل هذا النص في سياق دينامية إصلاحية واسعة تعرفها المملكة بهدف تحديث منظومة العدالة وتعزيز دولة الحق والقانون تحت القيادة الملكية.

ويعد القانون الجديد تجسيدا عمليا للتوجيهات الملكية الداعية إلى تحديث السياسة الجنائية وملاءمة الممارسة القضائية مع روح دستور 2011، الذي جعل من حماية الحقوق والحريات أساسا لبناء مغرب ديمقراطي وحداثي.

ويتضمن القانون مجموعة من التعديلات العميقة التي تستهدف تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، من خلال توسيع حقوق الدفاع، وتكريس قرينة البراءة، وضمان الحق في محاكمة داخل أجل معقول، إلى جانب توسيع الاستفادة من المساعدة القانونية.

كما يقوي المقتضيات المرتبطة بالحراسة النظرية عبر إلزامية إخبار المشتبه فيه بحقوقه، وتمكينه من التواصل مع محام والاستفادة من الترجمة عند الحاجة.

ويعتمد القانون توجها واضحا نحو الحد من اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي عبر حصره في أضيق الحالات واشتراط تعليل أوامر الإيداع بالسجن، مقابل تفعيل بدائل احترازية حديثة.

كما يمنح الضحايا حقوقا موسعة تشمل الإشعار بمآل الدعوى والدعم القانوني والاجتماعي، مع تدابير خاصة لفائدة النساء والأطفال ضحايا العنف.

وتضمن النص كذلك إحداث مرصد وطني للإجرام باعتباره آلية علمية تروم دعم السياسة الجنائية بمعطيات دقيقة ومؤشرات قابلة للقياس، بما يمكّن من اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة لا على التقديرات العامة.

وفي سياق التعديلات الجوهرية، برز إصلاح جديد اعتبره وزير العدل عبد اللطيف وهبي خطوة مركزية في عقلنة مساطر التبليغ وتسريع وتيرة البت في القضايا، حيث أوضح أن المحاكم والنيابات العامة ستعتمد مستقبلا على العنوان المسجل في البطاقة الوطنية للتعريف باعتباره المرجع الرسمي الوحيد في عمليات التبليغ القضائي.

وأكد وهبي، في جلسة عمومية بمحلس النواب، أنه في حال عدم العثور على الشخص في هذا العنوان، سيعتبر التبليغ قانونيا وصحيحا دون الحاجة لإعادة المسطرة كما كان معمولا به سابقا، مضيفا أن كل من يغير محل سكنه دون تحيين عنوانه في البطاقة الوطنية سيتحمل المسؤولية القانونية كاملة، وأن الأحكام الصادرة في حق المتابعين ستعتبر حضوريا قابلة للتنفيذ مباشرة، سواء في القضايا الجنحية أو المدنية.

وشدد الوزير على أن هذا الإصلاح يهدف إلى وضع حد للفوضى والتأخير الذي كان يشوب إجراءات التبليغ، داعيا المواطنين إلى الإسراع في تصحيح عناوينهم تفادياً لأي متابعة أو تنفيذ غير متوقع، مؤكدا أن المرحلة المقبلة ستكرّس الفعالية والسرعة في تنفيذ الأحكام القضائية.

وفي تصريح بمناسبة دخول القانون حيز التنفيذ، أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن هذا النص يشكل ركيزة أساسية في البناء الإصلاحي الذي تعرفه بلادنا، مضيفاً أنه يعكس ثقة الدولة في مؤسساتها وقدرتها على تنزيل إصلاحات كبرى تجعل من العدالة المغربية نموذجا إقليميا ودوليا.

كما شدد على أن الحكومة تعمل، انسجاما مع التوجيهات الملكية، على جعل ورش إصلاح العدالة رافعة أساسية استعدادا للمحطات الوطنية المقبلة، وفي مقدمتها استضافة كأس العالم 2030، حيث يشكل الأمن القضائي عنصرا محوريا في تعزيز جاذبية المغرب.

وختم الوزير مؤكدا أن إصلاح المسطرة الجنائية ليس مجرد تعديل تقني لقانون إجرائي، بل هو اختيار حضاري يعكس إرادة الدولة في تكريس عدالة ناجعة تضمن التوازن بين حماية الحقوق والحريات وفعالية الردع الجنائي.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *