تقرير: البوليساريو تتسبّب في أزمة الصحراويين المختطفين.. المخيمات بدون ماء ولا غذاء
فاقمت البوليساريو من معاناة المحتجزين في مخيمات تندوف بسبب أزمة التضخم العالمي، حيث كشفت تقارير دولية عن تهديد وشيك بالجوع يلوح في الأفق. ووفقا لهذه التقارير، قام برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة بتخفيض كميات المنتجات الأساسية التي يوزعها على سكان المخيم، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني المتدهور بالفعل.
خفض الحصص الغذائية المخصصة للأسر بنحو 30%
وأشارت التقارير إلى أن البرنامج الأممي خفض الحصص الغذائية المخصصة للأسر بنحو 30%، وذلك بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية على المستوى الدولي. وتعتمد ساكنة المخيم بشكل شبه حصري على المساعدات الدولية من أجل البقاء، ولكن حتى هذه المساعدات أصبحت غير كافية في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الحالية.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "إلباييس"، فإن البرنامج الأممي يتوقع نفاد مخزونه من الأغذية في غضون شهر إذا لم يتلق تمويلا إضافيا. وتتكون سلة المساعدات من كميات محدودة من الأرز والعدس والدقيق والسكر وغيرها، ولكن حتى هذه الكميات المحدودة تم تخفيضها بشكل كبير.
90% من سكان المخيمات يعانون من انعدام الأمن الغذائي بسبب البوليساريو
ووفقا للتقرير، فإن ما يقرب من 90% من سكان المخيمات يعانون من انعدام الأمن الغذائي أو معرضون لخطر الانزلاق نحو هذا الوضع ببب البوليساريو . ويصف أحد السكان الوضع قائلا: "لم نحصل على زيت الطهي منذ أشهر، ونحصل على كيلو واحد فقط من السكر، ونصف كيلو من الجزر، وبيضتين لكل شخص لمدة شهر". كما تم تخفيض كمية الصابون ومنتجات التنظيف، بالإضافة إلى تقليل عدد الأمتار من القماش المستخدم في إصلاح الخيام.
ويشير التقرير إلى أن 60% من سكان المخيم يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات دون وجود مصدر دخل آخر.
وقد نبهت منظمات تابعة للأمم المتحدة في شهر مارس الماضي من تدهور الوضع الصحي والغذائي للسكان، وهو الوضع الذي تفاقم منذ عام 2020، ولكن وتيرة التدهور تسارعت في الأشهر الأخيرة بعد تخفيض الحصص الغذائية بسبب نقص التمويل.
وأكد بابلو تراسباس، رئيس منظمة "ميديكوس"، على خطورة الوضع قائلا: "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو المعدل المرتفع للغاية لفقر الدم، الذي يصيب 75% من النساء الحوامل والمرضعات، بالإضافة إلى انتشار سوء التغذية لدى الأطفال، حيث يعاني أكثر من نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية".
نقص التمويل
وقد اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى تخفيض الحصص الغذائية بنسبة 30% بسبب نقص التمويل، مما أثر سلبا على قدرة البرنامج على شراء وتوزيع السلة الأساسية من المنتجات الغذائية. وفي عام 2023، حصل 133672 شخصا على مساعدات غذائية، ولكن مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، أصبح من الصعب الحفاظ على نفس مستوى المساعدات.
وفي منتصف العام الماضي، بدأ البرنامج في تخفيض بعض الحصص الغذائية، وتوقف عن تنفيذ برامج مكافحة سوء التغذية لدى الأطفال بسبب نقص الميزانية. وفي شهر نوفمبر، حذر البرنامج من أنه سيضطر إلى تخفيض المساعدات بنسبة 30%، مما يعني تقليل حصص الشعير والأرز والعدس ودقيق القمح المدعم.
وتعاني مخيمات تندوف أيضا من شح المياه، بالإضافة إلى الأجواء الحارة في الصحراء. ويتم استخراج المياه الجوفية من الآبار وتحليتها قبل توزيعها على المخيمات. وفي حين أن 60% من المخيمات تحصل على المياه من خلال نظام خطوط الأنابيب، لا تزال 40% تعتمد على الشاحنات لنقل المياه.
17 لترا من المياه للشخص الواحد يوميا
وتعاني العائلات من نقص شديد في المياه، حيث لا تتجاوز الكمية المتوفرة 17 لترا من المياه للشخص الواحد يوميا، وهو أقل بكثير من الكمية التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية والتي تتراوح بين 50 إلى 100 لتر لتغطية الاحتياجات الأساسية وتجنب المشاكل الصحية.
وأكد خايمي فرنانديز، مندوب المنظمات غير الحكومية في المخيمات، على نقص التمويل حتى لصيانة مركبات نقل المياه. وقال: "ليس لدينا أي ميزانية تقريبا لأعمال الصيانة أو شراء قطع الغيار أو الوقود. لقد حصلنا هذا العام على مبلغ أقل بـ 80 ألف يورو من المفوضية، وأخبرونا أن المبلغ سينخفض أكثر".
وأضاف فرنانديز: "لن نتمكن بعد الآن حتى من إجراء بعض الإصلاحات الضرورية". وتتفاقم أزمة الغذاء والمياه في ظل ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، مما يجعل الوضع أكثر صعوبة على سكان المخيمات الذين يضطرون إلى بيع جزء من حصصهم الغذائية لتوفير الاحتياجات الأساسية الأخرى.
تأكيد على الاختلاسات من قادة البوليساريو
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لفت الانتباه، في تقريره إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، إلى اختلاس البوليساريو المساعدات الإنسانية والمالية الموجهة إلى المحتجزين في مخيمات تندوف، في سنة 2021.
وأبرز غوتيريس، في التقرير نفسه، أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان قد تلقت معلومات من منظمات غير حكومية بأن جبهة البوليساريو قامت باختلاس المساعدات الإنسانية والمالية بالمخيمات.
ويأتي هذا التأكيد من الأمين العام للأمم المتحدة بعد إعلان المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال، الذي أبلغ عن اختلاسات كبيرة للمساعدات الإنسانية، طيلة أكثر من أربعة عقود، من طرف قادة البوليساري” والمسؤولين الجزائريين.
وينضاف مضمون التقرير الصادر عن الأمين العام الأممي، أيضا، إلى الخلاصات القطعية لتقارير التفتيش الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، حول هذه الجرائم.
وتمكن عمليات اختلاس المساعدات الإنسانية المخصصة لمخيمات تندوف، بطريقة ممنهجة ومنظمة وواسعة النطاق، في الإثراء الشخصي لميليشيات البوليساريو ومسؤولين جزائريين، كما تم التأكيد على ذلك في تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال.
وفي الوقت الذي حذر فيه تقرير الأمين العام من تدهور الوضع الإنساني في مخيمات تندوف، يغتني القادة الانفصاليون للبوليساريو على حساب معاناة وحرمان ساكنة محتجزة ضد إرادتها في هذه المخيمات.
ويساعد على هذا الاختلاس عدم تسجيل سكان مخيمات تندوف، بسبب رفض البلد المضيف الجزائر، في انتهاك خطير لالتزاماته الدولية وقرارات مجلس الأمن منذ 2011.
وبعد هذه الإشارة، ولأول مرة في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى المجلس الأمن لاختلاس المساعدات الغذائية من قبل البوليساريو، لم يعد بإمكان الحركة الانفصالية وعرابها الجزائر إنكار جريمتهما البشعة في حق ساكنة مخيمات تندوف.