يبدو أن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، يرقص فرحا بسبب هذه اللحظة التاريخية التي قاتل من أجلها طويلا، ولاشك أن عزلته قد راكمت لديه كتلة من المشاعر السلبية التي أفقدته صوابه، وبالرغم من أنه لا يجهر بمآسيه المتراكمة، إلا أن ملامح الضعف والخسارة تتضح جليا على محياه، والواقع أن القدر لاطفه هذه المرة، ووضع رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، في سبيله، ليتم إجراء محادثات بين الجانبين، اليوم الأحد، لمناقشة العلاقات الثنائية وسبل دعمها، إضافة إلى التطرق لقضايا ذات الاهتمام المشترك.
ولأن العلاقات الدولية لا تقوم إلا على لغة المصالح، تتجه تركيا إلى تلميع علاقاتها مع الجانب الجزائري لاعتبارات واضحة، ومن الواضح أنها عثرت في ورقة الغاز التي تلهو بها الجزائر دافعا مبدئيا جعلها توجه الأنظار صوب الجمهورية الجزائرية.
وتأتي الزيارة التي يبدأها اليوم، الرئيس الجزائري إلى تركيا في سياق اقليمي ودولي خاص، يتسم باتساع دائرة الاضطرابات المهددة للاستقرار الأمني، السياسي، والاقتصادي، سواء على مستوى شمال القارة الافريقية أو على مستوى الحرب المشتعلة في أوكرانيا.
وفي هذا السياق، قال حسن بلوان، خبير في العلاقات الدولية، وخبير في قضية الصحراء المغربية، إن زيارة تبون إلى تركيا تهدف إلى البحث عن توازنات جديدة تخلصها من الضغوط الغربية، الطامحة في الغاز الجزائري لتعويض الغاز الروسي، مستطردا “وبغض النظر عن الأهداف المعلنة من هذه الزيارة، في إطار تقوية العلاقات الثنائية، وتطوير المبادلات التجارية، يسعى الرئيس الجزائري إلى تحقيق أهداف أخرى تعرقل النجاحات التي حققها المغرب، على المستوى الدولي والاقليمي، بما فيه الموقف التركي من قضية الوحدة الترابية المغربية.
وأوضح بلوان أنه ما دامت جميع التحركات السياسية والدبلوماسية الجزائرية تسعى إلى تقويض هذه الدينامية الدولية، المعترفة بمغربية الصحراء، فلا غرابة أن يضغط الرئيس الجزائري على نظيره التركي، لتسميم العلاقات التركية المغربية، خاصة وأن هذه الزيارة تأتي بعد أيام من مشاركة وزير الخارجية التركي في أشغال المؤتمر الدولي لمحاربة داعش في مراكش، حيث أعلن أن تركيا تقف الىغ جانب المغرب الشقيق، في الحفاظ على سيادته ووحدته الترابية، وهو ما شكل صفعة مدوية للنظام الجزائري.
وأكد المتحدث نفسه أنه لا يمكن بأي حال أن تنجح الأهداف المبيتة للرئيس الجزائري من هذه الزيارة، نظرا لمجموعة من الاعتبارات، أولها أن المغرب شريك اقتصادي قوي ومهم لتركيا التي اقتنعت أن الدخول إلى افريقيا لا يمكن أن يحدث من دون البوابة المغربية من جهة، وأن مجموعة من الشركات تستثمر في الأقاليم الجنوبية للمملكة في اعتراف ضمني بمغربية الصحراء، وتابع ” ثم إن المغرب شريك مهم لتركيا في اقتناء التكنولوجيا العسكرية، خاصة الطائرات بدون طيار بيرقدار، التي تسلم منها المغرب سربا السنة الماضية، ويتفاوض في تسلم شحنة إضافية من جيلها الجديد بيرقدار 2″.
وأوضح بلوان أن المغرب شريك أساسي لتركيا في مجموعة من القضايا الاقليمية، وتتطابق وجهات النظر في معظم المواقف في الشرق الأوسط وليبيا، وكذلك الساحل والصحراء، خاصة مع اشتداد التنافس الدولي في القارة الافريقية الواعدة بالموارد الطبيعية والبشرية، والسوق الاستهلاكية.
وخاص الخبير إلى أن الجمهورية التركية لا يمكن أن تساير الرواية الانفصالية المشروخة للجزائر، حيث عبر الرئيس التركي مباشرة عند زيارته للمغرب بأنه لا يعترف بالكيان الوهمي، المعروف بالجمهورية الصحراوية، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية، تشاووش اوغلو، هذا الأسبوع، على هامش مشاركته في مؤتمر مراكش، ولقائه بوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، وذلك من خلال تجديد موقف تركيا الداعم لسيادة والوحدة الترابية للمغرب.