اختتم حزب الاستقلال، عشية الأحد 2 نونبر الجاري، أشغال ملتقى الميزان للشباب 2.0، الذي احتضنه المركز الدولي مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، بمشاركة واسعة من الشباب من مختلف جهات المملكة.
ويأتي هذا الملتقى ضمن دينامية متواصلة تروم تجديد الخطاب السياسي للحزب وفق منظور شبابي تفاعلي، يضع الإصغاء للشباب في قلب العمل الحزبي، ويعيد وصل الجسور بين الأجيال السياسية والمجتمع.
تخللت الملتقى ورشات وجلسات نقاش موسعة همّت قضايا جوهرية مثل التعليم، الصحة، الصحة النفسية، التشغيل، محاربة البطالة، الفوارق المجالية، ومحاربة الفساد والريع، إلى جانب نقاشات حول الثقافة والترفيه كرافعتين أساسيتين لتمكين الشباب وتعزيز مشاركتهم في الحياة العامة. وعبّر المشاركون عن رغبتهم في أن يتحول هذا الحوار من نقاش إلى سياسات عملية تُترجم فعلاً مقاربة الحزب في إشراك الشباب في صياغة القرار العمومي.
ويأتي هذا اللقاء في سياق إعلان الحزب سنة 2025 “سنة التطوع”، التي انطلقت في يناير الماضي، بهدف إطلاق مشاورات وطنية موسعة مع الشباب في مختلف الجهات، لتشكيل ميثاق وطني للشباب يعكس رؤيتهم وتطلعاتهم.
وكشف الحزب خلال الملتقى أن هذه الاستشارة الميدانية همت أكثر من 500 جماعة ومقاطعة، وامتدت عبر جلسات نقاش تجاوزت 1000 ساعة من الاستماع والتفاعل، لتشكل أكبر عملية تشاورية ينظمها حزب سياسي مغربي مع فئة الشباب.
في السياق ذاته، برز في الأشهر الأخيرة نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بنشاط سياسي مكثف وغير مسبوق سواء عبر تحركاته الجهوية المنتظمة أو حضوره الميداني في مختلف اللقاءات الحزبية والتنظيمية.
كما لفت بركة الانتباه بتغير واضح في أسلوب تواصله وخطابه، سواء في تصريحاته الإعلامية أو في تفاعله المباشر مع المواطنين، ما يعكس وعيا بضرورة تجديد أساليب التواصل السياسي واستيعاب مكامن الخلل في علاقة الأحزاب المغربية بالشباب والرأي العام.
ويرى متتبعون أن هذا التحول في خطاب الأمين العام يشير إلى إدراك الحزب لفرصة تحويل أخطاء التجارب الحزبية السابقة إلى مكاسب تنظيمية جديدة، تقوم على إصلاح التواصل وبناء علاقة مباشرة مع المجتمع.
غير أن الطريق أمام الحزب ما يزال طويلا، إذ يواجه تحديا حاسما مع اقتراب استحقاقات 2026، يتمثل في قدرته على إقناع الشباب المغاربة، وليس فقط قواعده الحزبية أو أطره الأكاديمية، بجدوى العمل السياسي من داخل المؤسسات.
ويُجمع عدد من المشاركين في الملتقى الذين تحدثت إليهم بلبريس أن الثقة الكاملة في الفعل الحزبي، ما تزال بعيدة المنال، وأن المطلوب اليوم هو الانتقال من المنهجية التواصلية إلى النتائج الملموسة، عبر مبادرات تلامس الواقع اليومي للشباب وتشتغل على الأرض لا في القاعات.
فالتحدي الأكبر أمام حزب الاستقلال يكمن في تحويل الزخم الشبابي إلى طاقة تنظيمية فاعلة، قادرة على تجديد السياسة من الداخل، وبناء جيل جديد يؤمن بأن التغيير ممكن من داخل المؤسسات لا من خارجها.
فالشباب يرون أن قوة الخطاب وحدها لا تكفي، ما لم تُترجم إلى إجراءات عملية داخل الهياكل التنظيمية تُمكّنهم فعليا من مواقع القرار. كما يرون أن بعض العقليات المحافظة في بعض المستويات الحزبية لا تزال تشكل حاجزا أمام الانتقال من الخطاب إلى الممارسة، وهو ما يجعل الرهان اليوم على تحويل هذا الزخم الشبابي إلى مشاركة مؤسسية قائمة على الاستحقاق والكفاءة.