أكد رئيس النيابة العامة هشام البلاوي أن آليتي الحجز والمصادرة أصبحت اليوم من الركائز الجوهرية للسياسات الجنائية الحديثة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، نظراً لدورهما الحاسم في تجفيف منابع الجريمة والحد من قدرتها على الاستمرار والتوسع.
جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للقاء السنوي لجهات إنفاذ القانون، الذي نظمته الهيئة الوطنية للمعلومات المالية صباح اليوم بالرباط تحت شعار: “التحديات العملية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: الحجز والمصادرة نموذجاً”، بحضور مسؤولين قضائيين وأمنيين وممثلي المؤسسات المعنية.
وأشار رئيس النيابة العامة إلى أن اللقاء السنوي أصبح فضاءً وطنياً لتبادل الرؤى وتقييم التجارب واستشراف آفاق تطوير المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيداً بالشراكة الاستراتيجية والتنسيق المستمر مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية.
وأكد أن اختيار موضوع الحجز والمصادرة يكتسي أهمية خاصة في ظل التحولات الاقتصادية العالمية وتطور أساليب إخفاء وغسل العائدات غير المشروعة، موضحاً أن التحديات العملية تتزايد بسبب الطابع العابر للحدود للجريمة وتعقيد الهياكل المالية والرقمية، إضافة إلى صعوبات تحديد المستفيدين الحقيقيين والولوج إلى البيانات المالية.
وشدد على أن فعالية الحجز والمصادرة لا تقتصر على القرارات القضائية، بل تستدعي آليات إجرائية وتقنية ومؤسساتية متكاملة لتتبع الأصول، وجردها وتقييمها وتنفيذ قرارات المصادرة بشكل يحقق المصلحة العامة.
كما أبرز رئاسة النيابة العامة جعل هذا الورش أولوية ضمن سياساتها الجنائية، من خلال تطوير البحث والتحري المالي، وتعزيز تبادل المعلومات مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، وإحداث منصات رقمية لتتبع القضايا، بالإضافة إلى إعداد دلائل عملية وبرامج تكوين متخصصة للقضاة وتبادل الخبرات الدولية.
على الصعيد الدولي، أكد البلاوي انخراط المغرب في مبادرات إقليمية ودولية لتتبع واسترداد الأصول الإجرامية، من بينها الشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، ومبادرات الاتحاد الإفريقي، والتعاون مع الإنتربول وهيئات الأمم المتحدة، إلى جانب مساهمته في تقييم المنظومة الوطنية وفق الاتفاقيات الدولية.
واختتم رئيس النيابة العامة بالتأكيد على أن تعزيز منظومة الحجز والمصادرة يستدعي حكامة مؤسساتية فعالة، وكفاءات بشرية مؤهلة، وقدرات تقنية متقدمة، وتنسيقاً وثيقاً بين جميع المتدخلين، معرباً عن ثقته في أن يفضي هذا اللقاء إلى توصيات عملية تدعم جهود المغرب في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.