أكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن المغرب يعيش وضعًا استثنائيًا بفعل توالي سنوات الجفاف، موضحًا أن السنة الحالية تُعد السابعة على التوالي التي تشهد نقصًا حادًا في التساقطات المطرية، مما انعكس على الوضع المائي الوطني. وأوضح الوزير، خلال جلسة برلمانية خُصصت لمناقشة إشكالية ندرة المياه، أن واردات السدود خلال شهر شتنبر لم تتجاوز 160 مليون متر مكعب، وهو رقم يعكس حدة الأزمة المائية التي تواجهها المملكة.
وأشار بركة إلى أن الموسم الفلاحي الماضي عرف تحسنًا نسبيًا مقارنة بالسنوات السابقة، إذ بلغ المعدل الوطني للتساقطات 142 ملم، مما مكّن من تعبئة 4.9 مليارات متر مكعب من المياه، أي بزيادة بنسبة 50% مقارنة بالسنة الماضية، لكنها ما تزال أقل من المعدل المعتاد بـ22%. وأضاف أن نسبة ملء السدود تراجعت إلى 32% بعدما كانت 40% في شهر ماي، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والتبخر الذي تسبب في فقدان نحو 650 مليون متر مكعب من المياه.
وأوضح الوزير أن التوجيهات الملكية السامية تشكل الإطار المرجعي لسياسة الحكومة في هذا المجال، مشددًا على حرص جلالة الملك محمد السادس على ضمان التزويد بالماء الصالح للشرب لجميع المواطنين في المدن والقرى. وفي هذا السياق، أفاد بركة بأن الوزارة استكملت بين سنتي 2021 و2024 بناء ستة سدود كبرى في الرشيدية، الخميسات، تنغير، زاكورة، صفرو وفاس، فيما تتواصل أشغال 14 سدًا جديدًا، إلى جانب برمجة 11 سدًا إضافيًا للفترة 2025-2027.
وأضاف أن الحكومة أطلقت برنامجًا طموحًا لإنجاز 155 سدًا صغيرًا وتليًا لتعزيز التزويد المائي بالمناطق الجبلية والقروية، منها 50 سدًا في طور الإنجاز. ويهدف هذا البرنامج إلى مضاعفة عدد المنشآت المائية في أفق 2027، بما يوازي ما تحقق منذ الاستقلال. كما تم إنجاز 4221 ثقبًا استكشافيًا بعمق إجمالي يبلغ 671 ألف متر وصبيب يصل إلى 889 لترًا في الثانية، ما مكّن نحو 5.8 ملايين نسمة في العالم القروي من الحصول على الماء الصالح للشرب.
وفي إطار مشاريع الأمن المائي، أبرز الوزير أهمية مشروع الربط المائي بين أحواض سبو وأبي رقراق، الذي مكّن من تزويد حوالي نصف مليون مواطن بالماء الشروب، كما استفادت منه مناطق قروية ببنسليمان وسيدي حجاج والمجاطية لفائدة 127 ألف نسمة.
وبخصوص تحلية مياه البحر، أوضح بركة أن المغرب يشهد تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في هذا المجال، مشيرًا إلى أن محطات التحلية ستغطي بحلول 2030 احتياجات أكثر من 60% من المواطنين بالماء الصالح للشرب، بينما ستُوجَّه مياه السدود أساسًا لتزويد العالم القروي والقطاع الفلاحي. وذكر من بين المشاريع الكبرى محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، التي ستغطي احتياجات الجهة، ومحطات الجديدة وآسفي التي ستمتد خدماتها إلى مدن داخلية مثل مراكش وبنجرير واليوسفية وشيشاوة.
كما كشف الوزير عن تجهيز المناطق القروية بمحطات متنقلة لتحلية المياه ومعالجتها، بلغ عددها 110 محطات حاليًا، ويتوقع أن يتجاوز 200 محطة خلال السنوات المقبلة، إضافة إلى تعبئة 1200 صهريج متنقل و100 شاحنة صهريجية لضمان التزويد بالماء في المناطق النائية.
وختم نزار بركة كلمته بالتأكيد على أن الحكومة ستواصل تعبئة كل الإمكانيات التقنية والمالية لمواجهة آثار الجفاف وتأمين الماء الصالح للشرب لجميع المواطنين، مع إيلاء اهتمام خاص للعالم القروي الذي يبقى الأكثر تأثرًا بهذه الأزمة الهيكلية.