في مشهد صادم يعكس مفارقة صارخة بين الخطاب الملكي والواقع البرلماني، خيّم شبح الغياب مجدداً على قبة مجلس المستشارين، حيث انعقدت جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الثلاثاء 14 أكتوبر بحضور باهت لم يتجاوز نصف الأعضاء.
هذا المشهد أثار موجة استياء عارمة بين المتتبعين الذين تساءلوا عن جدوى استمرار صرف تعويضات سخية بملايين السنتيمات شهرياً لمنتخبين لا يحضرون ولا يلتزمون بمهامهم التمثيلية.
ويأتي هذا الغياب المستفز بعد أيام قليلة من الخطاب الملكي الأخير، الذي وجه فيه الملك محمد السادس دعوة صريحة للبرلمانيين للتحلي بروح الجدية والمسؤولية، والعمل الميداني الحقيقي لخدمة المواطن والنهوض بأوضاعه الاجتماعية، مؤكداً أن الهدف ليس التنافس على الشعارات أو المواقع، بل تحقيق التنمية وتحسين جودة الحياة.
كما شدد الملك، بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، على أهمية الدور التأطيري للأحزاب والمنتخبين في شرح المبادرات العمومية وتقوية جسور الثقة مع المواطنين، معتبراً أن صون الحريات الفردية والجماعية مسؤولية جماعية لكل الفاعلين، من سياسيين وإعلاميين ومؤسسات.
لكن، وعلى النقيض من هذه التوجيهات الملكية الواضحة، ما يزال جزء كبير من المستشارين يواصلون السلوك نفسه، غير آبهين بحجم المسؤولية ولا بصورة المؤسسة التشريعية أمام الرأي العام.
ويرى مراقبون أن استمرار ظاهرة الغياب يضرب مصداقية البرلمان في العمق، ويكشف أزمة حقيقية في ثقافة الالتزام والمحاسبة، ما يستدعي تدخلاً حازماً لإعادة الاعتبار للعمل التمثيلي وخدمة الصالح العام.