من الظل إلى القانون.. هل يعترف المغرب أخيرًا بحقوق أطفال 'الجرائم الجنسية'؟

في محاولة لسد ثغرة قانونية تمس فئة ضعيفة من الأطفال والقاصرين، ضحايا علاقات غير شرعية ناتجة عن جرائم مثل الاغتصاب أو استغلال القاصرين، تقدم أحد مكونات المعارضة في مجلس النواب بمقترح قانون يهدف إلى ضمان تعويض مدني لهؤلاء الأطفال.

ينص المشروع، الذي تقدم به الفريق الحركي، على أن أحكامه تسري "على كل طفل ولد نتيجة علاقة غير شرعية ناتجة عن فعل جرمي، مثل الاغتصاب أو استغلال القاصر أو فاقد الأهلية، متى ثبت ذلك بحكم قضائي نهائي". كما يؤكد في مادته الثانية على حق الطفل المولود من هذه العلاقة في "المطالبة، عبر نائبه القانوني، بتعويض مالي دوري أو إجمالي، يراعى فيه الضرر المادي والمعنوي الناجم عن فقدان الأسرة الشرعية، بالإضافة إلى تلبية احتياجاته الأساسية حتى بلوغه سن الرشد أو 25 سنة إذا كان يتابع دراسته، أو مدى الحياة في حال كان من ذوي الإعاقة".

وفيما يخص آلية تحديد مبلغ التعويض، تنص المادة الثالثة من المشروع على أن القاضي "يأخذ في الاعتبار دخل الجاني أو وضعه المالي، واحتياجات الطفل المعيشية، وفترة الإعالة المتوقعة، فضلاً عن الأضرار النفسية والمعنوية التي لحقت بالطفل".

ويؤكد المقترح القانوني أن "التعويض الممنوح للطفل لا يثبت نسبه إلى الجاني، ولا يترتب عليه أي أثر من آثار البنوة الشرعية، بل يظل تعويضاً مدنياً خالصاً يستند إلى قواعد المسؤولية التقصيرية". كما يوضح أن "للنيابة العامة أو للأطراف المتضررة حق رفع دعوى التعويض أمام المحكمة المختصة، مع إعفائها من الرسوم القضائية"، مشيراً إلى أن أحكام هذا القانون تسري على القضايا الجارية حالياً وكذلك على الحالات المستقبلية، بينما تظل دعوى التعويض خاضعة للتقادم وفقاً للقوانين السارية.

واستند الفريق الحركي في تبريره للمشروع إلى "اجتهاد محكمة النقض المغربية، خاصة قرارها الصادر في 15 أبريل 2025، الذي أقر بحق الطفل المولود نتيجة فعل جرمي في الحصول على تعويض مدني لتعويض الضرر الناجم عن الجريمة، استناداً إلى قواعد المسؤولية التقصيرية في قانون الالتزامات والعقود، وتماشياً مع الضمانات الدستورية لحماية حقوق الطفل، لا سيما الفصل 32 من الدستور".

وأوضح الفريق أن "هذا القرار القضائي يشكل خطوة مهمة في تطور القانون، لكن عدم وجود نص تشريعي صريح يكرس هذا الحق يترك الأطفال الضحايا في وضعية قانونية هشة، ويعرضهم للتمييز والحرمان من تعويض عادل، خاصة أنهم لم يختاروا الظروف التي ولدوا فيها، بل كانوا ضحايا لأفعال إجرامية".

وشدد الفريق على أن "المشروع لا يهدف إلى المساس بمؤسسة النسب الشرعي أو بنظام الأحوال الشخصية المنصوص عليه في مدونة الأسرة، بل يهدف إلى تنظيم حق مدني منفصل للتعويض، خاص بالأطفال المولودين من علاقات غير شرعية إذا ثبت أنها نتجت عن جرائم موثقة قضائياً، كحالات الاغتصاب أو استغلال القاصرين أو ذوي الإعاقات الذهنية".

واعتبر الفريق الحركي أن هذا المقترح "يساهم في مواءمة التشريع الوطني مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، خاصة اتفاقية حقوق الطفل"، كما أنه "يعكس التوجه الدستوري نحو العدالة الاجتماعية وحماية الفئات الهشة، خصوصاً الأطفال الذين لا يجب أن يتحملوا تبعات أفعال لم يقترفوها". وأعرب عن أمله في "تحويل الاجتهاد القضائي إلى إطار قانوني ملزم، يعزز العدالة الاجتماعية، ويضمن عدم التمييز، ويؤمن تعويضاً عادلاً للأطفال الضحايا عن الأضرار التي لحقت بهم بفعل الآخرين".