قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن بعض المواد من مشروع قانون المسطرة الجنائية، الذي صادق عليه مجلس الحكومة، تشكل ردة حقوقية ودستورية، تعد توجها سلطويا نكوصيا غارق في الفساد والريع والإثراء غير المشروع، لاسيما مواد 3 و7 من مشروع القانون.
وأضاف رئيس الجمعية، عبر تدوينة له، « بلغة واضحة، فإن الحكومة تقول لكم: « سيروا العبوا مع قرانكم ». « البلاد ديالنا والمؤسسات، حتى هي بما فيها القضاء، ولن نترك الجمعيات تلجأ إلى القضاء ».
وشدد على أن « الدستور والقانون يمنحان لكل شخص طبيعي أو معنوي حق الولوج إلى القضاء دون أي قيود »، وأشار إلى أن « هناك عدم اعتراف بالدستور ولا بالقانون ولا بالتزامات المغرب الدولية ولا بالمكتسبات التي حققتها بلادنا على المستوى الحقوي والممارسة الجمعوية ».
وأورد أنه لطمئنة ما أسماه « اللصوص »، « فإنهم أغلقوا باب القضاء بشكل مطلق على تنظيمات المجتمع وأقسموا على عدم السماح للجمعيات باللجوء إليه. وهكذا، وضعوا المادة الثالثة من المشروع القانوني الجنائي بداية، وهي التي تمنع أي تبليغ عن جرائمهم وفسادهم، كما وضعوا المادة السابعة والتي تمنع أي مطالبة مدنية لاحقاً بعد تحريك الدعوى العمومية أمام القضاء بوضع شروط وصفها بشروط الخزيرات (الحصول على إذن التقاضي من وزير العدل) ».
واعتبر أن » هذه المواد تمثل توجهاً سلطوياً رجعياً غارقاً في الفساد والريع والإثراء غير المشروع، والذي يهيئ كل الشروط القانونية والسياسية لانتخابات 2026 ليعود من جديد بقوة، وهو ما لن يتأتى له إلا بتوفير الحماية للذين يشكلون قوة ضاربة انتخابياً والذين ظهرت عليهم معالم الثراء الفاحش بعدما كانوا لا يملكون أي شيء وهم في أغلبهم مبيضو أموال مشبوهة »، وفقا لتعبيره.
اقرأ أيضا: مثير.. بسبب المسطرة الجنائية.. هيئة حقوقي تشتكي عبد اللطيف وهبي للديوان الملكي
في خطوة مثيرة للجدل، وجهت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد شكوى إلى الديوان الملكي ضد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بسبب اقتراحه تعديلات على القانون الجنائي في إطار مشروع قانون المسطرة الجنائية التي تهدف إلى منع جمعيات حماية المال العام من مقاضاة رؤساء الجماعات الترابية.
وأوضحت الجمعية الحقوقية في شكواها أن وزير العدل يسعى إلى تفريغ مفهوم الحكامة الجيدة من مضمونه الحقيقي الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة. وقد أثارت هذه التعديلات المقترحة جدلاً واسعاً، حيث يرى متابعون أنها قد تشجع الفساد والرشوة والمحسوبية وتقوض جهود تخليق الحياة العامة.
ووفقاً لنص التعديلات، فإنه في حالة إقامة دعوى عمومية ضد موظف عمومي أو عون قضائي، يتم إبلاغ الوكيل القضائي للمملكة، وكذلك في حالة الدعاوى المتعلقة بالاعتداء على أموال أو ممتلكات عمومية أو الاعتداء على موظفين عموميين أثناء ممارسة مهامهم. كما تنص التعديلات على إبلاغ الوكيل القضائي للجماعات الترابية بالدعاوى المقامة ضد موظفيها أو أعضاء مجالسها أو هيئاتها، إذا كانت تتعلق بالاعتداء على أموال أو ممتلكات تابعة لهذه الجماعات.
وبحسب المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في قضايا الجرائم الماسة بالمال العام إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو تقارير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو أي هيئة أخرى يمنحها القانون هذا الحق.
وتسلط هذه التعديلات المقترحة الضوء على الجدل الدائر حول دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد وحماية المال العام، حيث يخشى البعض من أن تؤدي هذه التعديلات إلى تقييد قدرة الجمعيات على محاسبة المسؤولين عن أي تجاوزات أو مخالفات.