ما بعد "جريمة إمليل".. رسالة لترسيخ القيم وإرساء العلاقات

خديجة بوفوس*

بعد الجريمة التي هزت منطقة إمليل القريبة من قمة جبل توبقال في سلسلة جبال الأطلس، يوم الإثنين الماضي، والتي أودت بحياة السائحتين النرويجية مارين أولاند البالغة من العمر 28 سنة، وصديقتها الدنماركية لويزا فيستراجر يسبرسين التي تصغرها ب أربع سنوات. توالت اعتقالات المشتبهين في تورطهم في النكراء التي هزت الرأي العام الوطني والدولي.

وصل عددهم إلى أكثر من ثلاثة عشر شخصا، بعدة مناطق شملت كل من طنجة، مراكش، الصويرة، سيدي بنور ومناطق أخرى، وذلك بفضل الجهود الجبارة لعناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية بالتنسيق مع الدرك الملكي بهذه المناطق.

استأثرت هذه "الجريمة البشعة" باهتمام الصحافة الدولية، بعد أن تناقلت عدة منابر دولية الخبر، وتناولته من عدة زوايا كل حسب مراده ومبتغاه. فمنهم من هول من وقع الجريمة وحملها طابعا إرهابيا ، خاصة بعد الفيديو الذي تم نُشر في موقع "تويتر" ويظهر أربعة أشخاص يبايعون تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

فيديو عملية ذبح السائحتين والذي قيل إنه يُظهر الأشخاص الموقوفين  تم تداوله على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، كان له صدى عالمي حيث ترقت له كبريات الصحف العالمية، وهو لازال قيد التحقيق من طرف الشرطة النرويجية ونظيرتها الدنماركية، فيما صرحت السلطات الأمنية بالمغرب أن الحقيق لا يزال جاريا لإثبات مدى صحته وتطابقه مع الضحيتين.

لكن القضية قد اكتست بعدا دوليا، لاعتبارات عدة، خاصة وأن مثل هذه الجرائم اتخذه البعض ليظهر بسوء نية ضعف الأمن بالبلاد. لكن تصريح وزير خارجية الدنمارك على موقعه الالكتروني بعد يومين من وقوع الجريمة، والذي أكد فيه  أن المغرب بلد آمن، ولم يعهد السياح الدنماركيون مثل هذه الحوادث في المغرب، ودعاهم إلى الاطمئنان، قد نسف كل النيات السيئة التي تربصت بالمغرب وأمنه.

ومن جهة أخرى، عبر السفير الدنماركي، نيكولاي هاريس، عن شكره للشعب المغربي ومؤسساته وللشرطة المحلية والمركزية للمملكة، وعن امتنانه لكل من تضامن مع أسر الضحيتين والشعب الدنماركي عموما من خلال رسائل التعاطف والمواساة التي تجتاح "بروفايلات" مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك لمن زينوا باب السفارة بالشموع والأزهار.

وعبر السفير في رسالة مؤثرة بعثها للشعب المغربي أمس الجمعة، عن تأثره الشديد بكل معاني التضامن التي أظهرها الشعب المغربي بعد وقوع الحادث. كما أشار إلى كل الجهود المبذولة من طرف السلطات المغربية للتحقيق في الجريمة واكتشاف من يقبع وراءها ليُحاسب على جرمه أمام القضاء.

وأكد السفير الدنماركي على أن القيم الإنسانية السمحة ستظل أساس العلاقات بين الشعبين الدنماركي والمغربي، بعيدا عن أي توتر او تصدع.

هذا الحدث الأليم ضرب كل القيم الإنسانية عرض الحائط، كما ضرب جزء مهما في اقتصاد الدولة،  وهو قاع السياحة الذي يعتبر رافعة مهمة لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي المغربي، وثاني أهم قطاع موفر لفرص الشغل، خاصة أن الجريمة قد تمت بمنطقة توبقال المعروفة بالسياحة الجبلية، والقريبة من مدينة مراكش، التي تستقطب السياح من كل أقطاب العالم.

لكن من الجلي أن الرحلات نحو أعلى قمة جبلية في شمال افريقيا لم تتأثر بهذه الجريمة قط، إذ أن اقبال السياح عليها لم يعرف تراجعا أبدا بعد الحادث، وهو ما أكده مسؤولو ومنعشو القطاع السياحي بالجهة.

استنكر عديد من المغاربة الجريمة في منشوراتهم وتغريداتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ونددوا بهذه الجريمة، وبالأخص سكان منطقة الحوز، المعروفين بكرمهم ورحابة صدرهم، فالمنطقة لم تشهد يوما حدثا مماثلا، ولم يسبق لزائريها الأجانب أن توجهوا بشكاية للأمن أو لسفارتهم بخصوص سوء سلوك أو حادث متعمد من طرف السكان الأصليين، فهذا الحادث كما صرح البعض، "لا يناسب شيمنا وتقاليدنا".

*صحفية متدربة