في الأنظمة الديمقراطية التي تعرف حكوماتها أزمات اجتماعية واقتصادية ينتقد المواطن فيها حكومته نقدا موضوعيا لانه حق من حقوقه المشروعة كفلها له الدستور، ويقدم البدائل الموضوعية المساعدة لتلك الحكومات لتجاوز تلك الازمات ،لكن في ظل الاحترام والمسؤولية ،لأنه ليس هناك حكومة بالعالم لا تسعى لإرضاء مواطنيها واسعادهم، اوالالتزام بتعهداتها وتعاقداتها معهم.
لكن أحيانا تخرج هذه الانتقادات عن هذا النطاق وتتحول للتشهير والتجريح والسب والقذف، ليس للحكومة كمؤسسة لكن للأشخاص أي الوزراء الذين يشكلون تلك الحكومة،وهذا ما يشجع على تقوية ثقافة اليأس واضعاف ثقافة الثقة ،وهو ما يِؤثر سلبا - ايضا-على نفسية أعضاء الحكومة والمواطنين معا ،وهنا نقول انه يصعب على أي حكومة ان تواجه الازمات بدون ثقة المواطنين فيها،ودعمهم لها.
وهذا ما اصبح يلاحظ اليوم في الانتقادات الشرسة والهجمات السياسوية لحكومة اخنوش بالمغرب، صحيح الدستور المغربي ربط المسؤولة بالمحاسبة، ومن حق المواطن محاسبة حكومة اخنوش ونقدها لكن دون أي تخوين او تشهير او تجريح او قذف.
والأخطر من هذا وذاك هو ان نشر ثقافة التيئيس في كل شيئ يمكن ان يهدد السلم الاجتماعي الوطني في سياق وطني مأزوم، وسياق دولي مضطرب ، وفي سياق تكالب إقليمي ودولي على الوطن وعلى مؤسساته.
نقول هذا الكلام، ليس دفاعا عن اخنوش او عن حكومته، ولكن وعيا- منا- بدقة المرحلة وصعوبتها على المواطن والحكومة والوطن، صحيح ،المواطن المغربي اكتوى بنار الغلاء -وهذا امر مرفرض- نتيجة فشل الحكومة – كما قال الوزير مصطفى بايتاس بكل عفوية وصدق وجرأة- في وضع حد لشجع المضاربين واللوبيات والسماسرة الذين لا يهمهم المواطن ،ولا الوطن بقدر ما يهمهم مصالحهم الشخصية، وهنا يجب على المواطن ان يتعاون مع الحكومة لفضح هؤلاء المضاربين مصاصي دم المغاربة دون أي رحمة او احترام حتى لهذا الشهر الكريم رمضان.
الوضعية الحالية الاجتماعية والاقتصادية في هذا الشهر الكريم بالمغرب صعبة، وهذا ما أكدته الاستجواب الأخير الذي خص به المندوب السامي احمد الحليمي لاحدي المواقع الإلكترونية .
استجواب دق فيه الحليمي أكثر من ناقوس خطر، مؤكدا فيه ان الازمة الحالية ليست عابرة او ظرفية ،بل هي بنيوية شاركت فيها كل الحكومات المتعاقبة بالمغرب، وامام هذا الواقع الصعب على حكومة اخنوش والمواطن والقطاع الخاص والطبقة الغنية بالمغرب المزيد من التضامن والتعاون والتحمل معا للخروج من هذه الوضعية باقل الاضرار ، ومواجهة المتضاربين -بصرامة- بكل ما تملكه الحكومة من امكانيات ،عوض البقاء سجناء جلد الذات، ونشر ثقافة اليأس والضرب في هيبة المؤسسات في وقت يواجه فيه المغرب دولا وقوى تتربص به لضرب أمنه وسلمه الاجتماعيين ومؤسساته.
أقول هذا الكلام وانا على يقين – بإذن الله- ان المغرب بمواطنيه المخلصين لثوابت البلاد ،والمؤمنين بقدرات الحكومة لتجاوز هذه الازمة ان التعاون والتضامن بين الحكومة والمواطن لمواجهة الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب الحالي ، والابتعاد عن تبخيس إرادة الحكومة لحماية القدرة الشرائية، والابتعاد عن نشر ثقافة التيئيس هو السبيل الناجع لمواجهة جشع هؤلاء المضاربين والسماسرة ، وحماية المواطن من بطشهم، ليبقى وطنا شامخا داخليا رغم كل الازمات، وخارجيا رغم تكالب الأعداء عليه، وهذا هو الاستثناء المغربي.
وأخيرا، نؤكد بان الوضع صعب اجتماعيا واقتصاديا على المواطن في هذا الشهر الكريم، لكن علماء الاجتماع يؤكدون انه في زمن الازمات تبرز حكومات ومؤسسات قد تتخذ قرارات قد تكون مؤلمة، في شراكة مع المواطنين، كما يبرز بقوة التأثير الإيجابي للتلاحم والترابط بين الحكومات والشعوب والمخزون الكبير والرصيد المتراكم من الثقة الشعبية في ان هذه الازمات هي عابرة ، لكن شرط ان لا تتكرر.