أحزاب تونسية: الهجوم الإرهابي يترجم ارتفاع منسوب الخطاب التكفيري في البلاد

اعتبرت أحزاب سياسية تونسية أن الهجوم الإرهابي الذي استهدف محيط السفارة الأمريكية هو «ترجمة» لارتفاع منسوب الخطاب التكفيري، الذي وصل أخيراً إلى البرلمان التونسي، كما دعت البرلمان إلى الإسراع في المصادقة على قانون يجرّم الاعتداء على عناصر الأمن.

وكانت وزارة الداخلية التونسية أكدت مقتل الضابط توفيق الميساوي، وجرح أربعة عناصر أمن في هجوم إرهابي نفذه انتحاريان ضد دورية أمنية قرب مبنى السفارة الأمريكية في منطقة «البحيرة» في العاصمة، مشيرة إلى أن الانتحاريين لقيا مصرعهما خلال الهجوم.

وكشفت مصادر أمنية عن هوية منفذَي العملية، وهما: سليم الزنادي، وحبيب لعقة، ويسكنان في منطقة الكرم قرب العاصمة، حيث غادرا السجن أخيراً بعدما قضيا عقوبة بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي، وهما ممنوعان حالياً من السفر، وفقا لـ"القدس العربي".
وقال عماد الحاج خليفة، الناطق باسم نقابات قوات الأمن الداخلي، إن منفذي الهجوم تعمدا الاقتراب من الدورية الأمنية بذريعة طرح سؤال، قبل أن يقوما بتفجير نفسيهما، مشيراً إلى أن قوات الأمن هي «العدو رقم واحد للإرهابيين».
وأثارت العملية الإرهابية موجة استنكار داخل تونس، حيث دوّن هشام العجبوني، النائب عن حزب التيار الديمقراطي: «الوضع تحت السيطرة. التعامل مع العملية الإرهابية كان سريعاً والتعزيزات الأمنية من شرطة وجيش وحرس وحماية مدنية وإسعاف تمت بسرعة لإجلاء الجرحى وتأمين محيط السفارة. قد تكون العملية الإرهابية انتقاماً من هزيمة الجرذان الإرهابيين في ملحمة بن قردان التي تمت يوم 7 مارس 2016. المهم، التعاطي الحكومي والإعلامي يجب أن يكون ذكياً ومسؤولاً، وذلك لتفادي انعكاسات هذه العملية الإرهابية الجبانة على الوضع الاقتصادي والموسم السياحي».
وأضاف، في تصريح صحافي: «ما حصل كان متوقعاً، لأن المناخ السياسي متشنج جداً”، و»هذا التشنج مثّل فرصة للإرهاب لتفريق التونسيين. يجب أن نكون مسؤولين ولنقف لتونس في هذا الوضع الصعب”.
ودوّنت سعيدة قراش، مستشارة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي: «مرة أخرى، يدفع أبناء الشعب من عناصر الأمن ثمن الاٍرهاب والغدر في هذا الوطن. الرحمة لعنصر الأمن توفيق الميساوي الذي استشهد في العملية الإرهابية الجبانة اليوم، لتبقى تونس جمهورية ولا تتحول إلى إمارة ولتبقى تونس دولة مدنية ولا تتحول إلى دولة داعشية. هذه أول نتائج عودة الخطاب التكفيري والفرز على أساس ثنائية الكفر والإيمان. آمنوا بهذا الوطن آمنوا للجميع، وآمنوا بالكفر به. لشهداء الوطن العزة والخلود، وللإرهابيين سخط الله والوطن».
وكتب سامي الطاهري، الناطق باسم اتحاد الشغل: «إشارة انطلاق الفيسبا (الدراجة التي أقلت الانتحاريين) هي التكفير من قبل المشرّعين في البرلمان». فيما اعتبر سمير عبد الله، القيادي السابق في حزب تحيا تونس، أن الهجوم هو «النتيجة الحتمية لأجواء التكفير والحقد»، مضيفاً: «اشتد عليهم الخناق فضغطوا على زر الإرهاب. فلا عاش في تونس من خانها».
وأصدر الحزب بياناً أدان من خلاله العملية الإرهابية الأخيرة، التي قال إنها تؤكد أن «الخطر الإرهابي متواصل ويتطلّب أقصى درجات التأهب والاستعداد والعمل الاستباقي». كما اعتبر أن الحرب على الإرهاب هي «وطنيّة وإقليميّة وعالميّة، ولا بد من اتخاذ موقف رسمي واضح ضد الدّول التي تساند الإرهاب وتنقل الإرهابيين».
وأضاف البيان: «الإرهاب فكر وممارسة، والتكفير الذي ارتفع صوته أخيراً في البرلمان التونسي هو أحد أدواته الرّئيسيّة، لذلك يتوجّب تطبيق قانون مكافحة الإرهاب بصرامة على كلّ من يروّج أو يدعم الإرهاب قولاً وفعلاً».
كما دعت حركة النهضة البرلمان التونسي إلى التعجيل بالمصادقة على قانون تجريم الاعتداء على الأمنيين، مطالبة «جميع مؤسسات الدولة ببذل المزيد من الجهد لمحاربة الإرهاب والقضاء على هذه الآفة التي تهدد مسار الديمقراطية التونسية، (كما تثمن) جهود قوات الأمن والحرس والجيش الوطني في محاربة الإرهاب وحفظ مصالح الدولة والمواطنين».
فيما دعا حزب تحيا تونس إلى «وحدة وطنيّة صمّاء مسؤولة لدعم أجهزة الأمن والجيش الوطني في حربنا على الإرهاب، وعلى السلطات القضائيّة تطبيق القانون على كل من يسعى لإعادة تونس إلى مربّع العنف»، مشيراً إلى أن العملية الإرهابية الأخيرة «تعكس يأس الإرهاب واندحاره بعد الهزائم المتتالية التي تكبّدها على أيدي قواتنا الأمنية والعسكرية الباسلة، خاصة ونحن على بعد سويعات من الاحتفال بالذكرى الرابعة لملحمة بن قردان في 7 مارس/آذار 2016، وتُبيّن فشله الذريع في منع تونس من التقدم على طريق الحرية والديمقراطيّة، وندعو كل مواطناتنا ومواطنينا إلى مزيد من اليقظة ومعاضدة جهود قواتنا الأمنية».
وشهد البرلمان التونسي أخيراً جدلاً سياسياً كبيراً، وخاصة بعد قيام بعض نواب ائتلاف الكرامة بـ»تكفير» رئيسة الحزب الدستوري الحر، بعد محاولتها تعطيل عمل البرلمان، وتلاسنها مع عدد كبير من النواب.