الإحصاء العام يعيد رسم ملامح الانتخابات المقبلة ويطرح تحديات التقسيم الانتخابي
أحدثت نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 تحوّلات عميقة في المشهد الديموغرافي المغربي، ما دفع حبيب المالكي، رئيس المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي، إلى التحذير من تداعيات هذه التغيرات على الاستحقاقات الانتخابية المقررة في خريف 2026. وأكد المالكي أن هذه التحولات، خاصة على مستوى توزيع السكان حسب الجهات والفئات العمرية، تطرح تحديات جديدة وتفرض إعادة النظر في التقطيع الإداري والانتخابي بما ينسجم مع الواقع المتجدد للبلاد.
وخلال افتتاح الدورة الرابعة للمجلس الوطني لحزبه، دعا المالكي إلى فتح نقاش وطني واسع حول طبيعة المرحلة المقبلة، التي تستدعي مراجعة شاملة للمسار السياسي، في ضوء متغيرات محلية ودولية معقدة، داعيًا إلى تحيين المنظومة الديمقراطية والتمثيلية، بالتزامن مع اقتراب مرور نصف قرن على انطلاق التجربة الديمقراطية المغربية.
ولم يُخف المالكي دعوته الصريحة إلى إطلاق ورش جديد للإصلاحات السياسية والدستورية، يهدف إلى تحصين المؤسسات وتوسيع دائرة المشاركة السياسية، من خلال تعبئة المواطنين وتعزيز انخراطهم في الحياة العامة. كما حث حزبه على صياغة رؤية استراتيجية واقعية تُعزز موقع الاتحاد الاشتراكي في معادلة التغيير الديمقراطي المقبل.
وأظهرت بيانات الإحصاء تغيّرات ديموغرافية جوهرية ستفرض إعادة النظر في توزيع مقاعد مجلس النواب، لاسيما في الأقاليم التي عرفت تراجعًا سكانيًا كبيرًا، كطاطا وتزنيت وزاكورة وآسا الزاك وطرفاية، والتي يُتوقع أن تنخفض تمثيليتها إلى الحد الأدنى القانوني (مقعدين فقط). في المقابل، عرفت أقاليم مثل النواصر انفجارًا سكانيا تجاوز 100%، مما يطرح ضرورة رفع تمثيليتها الانتخابية.
بالموازاة مع ذلك، تراجع عدد سكان عدد من عمالات المدن الكبرى، خاصة أنفا بالدار البيضاء، التي فقدت أكثر من 100 ألف نسمة خلال عشر سنوات، ما يستوجب إعادة تقييم تمثيليتها البرلمانية.
هذه التحولات تفرض، بحسب خبراء في القانون الإداري، مراجعة جذرية للتقطيع الانتخابي لتأمين مبدأ الإنصاف في التمثيلية وضمان توازن حقيقي بين الكثافة السكانية والمقاعد البرلمانية.