تقرير: دي ميستورا يتراجع عن الاستقالة بعد "تحول مفاجئ" في موقفه بشأن الصحراء المغربية
كشف معهد الآفاق الجيوسياسية (IGH) عن معطيات لافتة بشأن استمرار ستيفان دي ميستورا في مهمته كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بعدما كان قاب قوسين من تقديم استقالته. وأرجع المعهد هذا القرار إلى "تحول مفاجئ" في موقف دي ميستورا عقب لقاء حاسم جمعه بدبلوماسية أمريكية بارزة، وصف بأنه نقطة تحول محورية في مسار الملف.
وبحسب تقرير المعهد، فإن اللقاء الذي جمع دي ميستورا بليزا كينا، المسؤولة الأمريكية الرفيعة، شكل لحظة فاصلة، حيث تم إبلاغه بشكل صريح بموقف الولايات المتحدة من نزاع الصحراء، ودُعِم بخارطة طريق واضحة تتبنى الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كخيار وحيد وواقعي لإنهاء النزاع المستمر.
واشنطن تدفع نحو حل "واقعي وعملي"
وأشار التقرير إلى أن هذه الرؤية الأمريكية تتماشى مع التصريحات الرسمية الصادرة عن وزير الخارجية ماركو روبيو، خلال لقائه بنظيره المغربي ناصر بوريطة في 5 أبريل الجاري، والتي أكد فيها دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي باعتباره "الحل الجاد والوحيد القابل للتطبيق". كما شدد روبيو على ضرورة الشروع في مفاوضات فورية تنطلق حصراً من المبادرة المغربية.
خارطة الطريق الأمريكية: أربعة محاور لحل النزاع
وأوضح معهد IGH أن "خارطة الطريق الأمريكية" التي قُدمت للمبعوث الأممي تتضمن أربعة عناصر رئيسية:
التخلي عن أي خيار بديل لمقترح الحكم الذاتي.
تحويل بعثة "المينورسو" إلى آلية تنفيذية لمواكبة تطبيق الحل.
إرساء جدول زمني دقيق للمفاوضات.
تعزيز دور "مجموعة أصدقاء الصحراء" داخل مجلس الأمن وتقليص تأثير الأطراف المعرقلة، خصوصاً الجزائر.
ضغط أمريكي ومؤشرات على تحوّل أممي
وأكد التقرير أن قرار دي ميستورا بمواصلة مهامه جاء أيضًا نتيجة ضغوط أمريكية متزايدة، بينها التلويح بإعادة النظر في تمويل بعثة "المينورسو"، إضافة إلى مواقف داعمة للطرح المغربي من داخل دوائر مؤثرة في واشنطن، بينها دعوة النائب الجمهوري جو ويلسون لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، ومقال تحليلي للخبير مايكل روبين ينتقد فيه عجز البعثة الأممية عن تحقيق أي تقدم منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وفي حال تم تجديد مهمة دي ميستورا خلال الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن منتصف أبريل الجاري، فإن ذلك سيشكل ـ بحسب المعهد ـ مؤشراً واضحاً على بداية تحول في موقف الأمم المتحدة، واقترابها من تبني المقاربة المغربية التي تحظى بدعم أمريكي ودولي متنامٍ.
مواقف متباينة مرتقبة
وتوقّع التقرير أن تلاقي هذه المستجدات ترحيباً رسمياً من المغرب، الذي لطالما أكد التزامه بالمسار الأممي انطلاقاً من مبادرة الحكم الذاتي. في المقابل، يُرتقب أن تواجه الجزائر وجبهة البوليساريو هذه التحولات بمواقف رافضة، معتبرة إياها انحيازاً واضحاً للطرف المغربي.
كما رجح معهد IGH أن يتباين الموقف الأوروبي بين دول مؤيدة للحل السياسي الواقعي، وأخرى تتبنى مواقف أكثر حذراً وتريثاً.
عام مفصلي للنزاع؟
وفي ختام التقرير، أشار المعهد إلى أن سنة 2025، التي تتزامن مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، قد تشكّل منعطفاً حاسماً في مسار نزاع الصحراء، في ظل تصاعد المؤشرات على توافق دولي واسع بشأن تبني الحكم الذاتي كقاعدة جديدة للمفاوضات، وهو ما قد يقرب الملف من مخرجه النهائي.